صرت إلى بعض القباب وفيها قوم فنزلت معهم فسمعت بعضهم يسب أبا عبد الله فذكرت قوله فلم أقل شيئا ولو لا ذلك لقتلته
قال أبو بصير كان لي جار يتبع السلطان فأصاب مالا فاتخذ قيانا (١) وكان يجمع الجموع ويشرب المسكر ويؤذيني فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم ينته فلما ألححت عليه قال يا هذا أنا رجل مبتلى وأنت رجل معافى فلو عرفتني لصاحبك رجوت أن يستنقذني الله بك فوقع ذلك في قلبي فلما صرت إلى أبي عبد الله ذكرت له حاله فقال لي إذا رجعت إلى الكوفة فإنه سيأتيك فقل له يقول لك جعفر بن محمد دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة قال فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى فاحتبسته حتى خلا منزلي فقلت يا هذا إني ذكرتك لأبي عبد الله فقال أقرئه السلام وقل له يترك ما هو عليه وأضمن له على الله الجنة فبكى ثم قال الله أقال لك جعفر هذا قال فحلفت له إنه قال لي ما قلت لك فقال لي حسبك ومضى فلما كان بعد أيام بعث إلي ودعاني فإذا هو خلف باب داره عريان فقال لي يا أبا بصير ما بقي في منزلي شيء إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى فمشيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثم لم يأت عليه إلا أيام يسيرة حتى بعث إلي أني عليل فأتني فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتى نزل به الموت فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه ثم غشي عليه غشية ثم أفاق فقال يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا ثم مات فحججت فأتيت أبا عبد الله ع فاستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداء من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن وأخرى في دهليز داره يا أبا بصير قد وفينا لصاحبك.
وعن عمر بن يزيد قال اشتكى أبو عبد الله شكاة شديدة خفت عليه قلت في نفسي أسأله عن الإمام بعده قال لي مبتدئا ليس علي من وجعي هذا بأس.
وعنه قال دخلت على أبي عبد الله وهو متكئ على فراشه ووجهه إلى الحائط وظهره إلى الباب فقال من هذا فقلت عمر بن يزيد فقال غمز رجلي
__________________
(١) قال ابن الأثير في الحديث نهى عن بيع القينات اي الا ماء المغنيات وتجمع على قيان أيضا.