قال أبو الصلت الهروي فلما رجع الرضا إلى منزله أتيته فقلت يا ابن رسول الله ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين فقال يا أبا الصلت أنا كلمته من حيث هو ولقد سمعت أبي يحدث عن آبائه عن علي ع قال قال لي رسول الله ص يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة تقول للنار هذا لي وهذا لك.
ودخل عليه بخراسان قوم من الصوفية فقالوا له إن أمير المؤمنين المأمون نظر فيما ولاه الله تعالى من الأمر فرآكم أهل البيت أولى الناس بأن تأموا الناس ونظر فيكم أهل البيت فرآك أولى الناس بالناس فرأى أن يرد هذا الأمر إليك والأئمة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض قال وكان الرضا متكئا فاستوى جالسا ثم قال كان يوسف نبيا يلبس أقبية الديباج المزردة بالذهب ويجلس على متكئات آل فرعون ويحكم إنما يراد من الإمام قسطه وعدله إذا قال صدق وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز إن الله لم يحرم لبوسا ولا مطعما وتلا (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (١).
ومن تذكرة ابن حمدون قال علي بن موسى بن جعفر ع من رضي من الله عزوجل بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل.
وقال لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة ولا يعدم تعجيل العقوبة مع إدراع البغي.
وقال الناس ضربان بالغ لا يكتفي وطالب لا يجد.
وكان زيد بن موسى بن جعفر خرج بالبصرة ودعا إلى نفسه وأحرق دورا وعاث (٢) ثم ظفر به وحمل إلى المأمون قال زيد لما دخلت إلى المأمون نظر إلي ثم قال اذهبوا به إلى أخيه أبي الحسن علي بن موسى الرضا فتركني بين يديه ساعة واقفا ثم قال يا زيد سوأة لك ما أنت قائل لرسول الله ص إذا سفكت
__________________
(١) الأعراف : ٣٢.
(٢) العيث : الفساد.