عن التعرض لحرمي فإن النساء لم يقاتلنكم فقال الشمر لأصحابه كفوا عن النساء وحرم الرجل واقصدوه في نفسه.
ثم صاح الشمر لعنه الله بأصحابه وقال ويلكم ما تنتظرون بالرجل وقد أثخنته الجراح وتوالت عليه السهام والرماح فسقط على الأرض فوقف عليه عمر بن سعد وقال لأصحابه انزلوا فجزوا رأسه فنزل إليه نضر بن خرشنة الصبابي ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسين ع فغضب عمر بن سعد وقال لرجل عن يمينه ويلك انزل إلى الحسين فأرحه فنزل إليه خولي بن يزيد لعنه الله فاجتز رأسه وسلبوه ودخلوا على حرمه واستلبوا بزتهن.
ثم إن عمر بن سعد أرسل بالرأس إلى ابن زياد مع بشر بن مالك فلما وضع الرأس بين يدي عبيد الله بن زياد قال :
املأ ركابي فضة وذهبا |
|
أنا قتلت الملك المحجبا |
ومن يصلي القبلتين في الصبا |
|
وخيرهم إذ يذكرون النسبا |
قتلت خير الناس أما وأبا |
فغضب عبيد الله من قوله ثم قال له إذا علمت أنه كذلك فلم قتلته والله لا نلت مني خيرا ولألحقنك به ثم قدمه وضرب عنقه.
قلت صدق الله (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) وعلى هذا مضى من شايع على الحسين ع إما بيد أعداء الله أو بيد أوليائه فما منهم من فاز بحمد الله بمراد ولا أمل ولا انتفع بقول ولا عمل بل مزقوا كل ممزق وفرقوا كل مفرق واستولى عليهم الحمام وعوجلوا بالعقاب والانتقام وأبيدوا بالاستئصال والاصطلام وباءوا بعاجل عذاب الدنيا وعلى الله التمام.
قال ثم إن القوم استاقوا الحرم كما تساق الأسارى حتى أتوا الكوفة فخرج الناس فجعلوا ينظرون ويبكون وينوحون وكان علي بن الحسين زين العابدين قد نهكه المرض (١) فجعل يقول ألا إن هؤلاء يبكون وينوحون من
__________________
(١) نهكت الحمى فلانا : هزلته وجهدته.