وحتى متى أصف محن الدنيا ومقام الصديقين وانتحل عزما من إرادة مقيم بمدرجة الخطايا أشتكي ذل ملكة الدنيا وسوء أحكامها علي فقد رأيت وسمعت لو كنت أسمع في أداة فهم أو أنظر بنور يقظة.
وكلا ألاقي نكبة وفجيعة |
|
وكأس مرادات ذعافا أذوقها (١) |
وحتى متى أتعلل بالأماني وأسكن إلى الغرور وأعبد نفسي للدنيا على غضاضة سوء الاعتداد من ملكاتها وأنا أعرض لنكبات الدهر علي أتربص اشتمال البقاء وقوارع الموت تختلف حكمي في نفسي ويعتدل حكم الدنيا.
وهن المنايا أي واد سلكته |
|
عليها طريقي أو علي طريقها |
وحتى متى تعدني الدنيا فتخلف وأئتمنها فتخون لا تحدث جدة إلا بخلوق جدة (٢) ولا تجمع شملا إلا بتفريق شمل حتى كأنها غيرى (٣) محجبة ضنا تغار علي الألفة وتحسد أهل النعم.
فقد آذنتني بانقطاع وفرقة |
|
وأومض لي من كل أفق بروقها (٤) |
ومن أقطع عذرا من مغذ سير أيسكن إلى معرس غفلة بأدواء نبوة الدنيا (٥) ومرارة العيش وطيب نسيم الغرور قد أمرت تلك الحلاوة على القرون الخالية وحال دون ذلك النسيم هبوات (٥) وحسرات وكانت حركات فسكنت وذهب كل عالم بما فيه فما عيشة إلا تزيد مرارة ولا ضيقة إلا ويزداد ضيقها فكيف يرقأ دمع
__________________
(١) الذعاف ـ كغراب ـ : السم.
(٢) وفي رواية ابن شهرآشوب في المناقب «لا تحدث جديدة الا تخلق مثلها».
(٣) «غيرى» فعلى من الغيرة.
(٤) أومض البرق : لمع خفيفا وظهر.
(٥) اغذ في السير : اسرع. وعرس القوم : نزلوا في السفر والموضع «معرس».
والنبوّة : ما ارتفع من الأرض يقال هو يشكو نبوة الزمان وجفوته.
(٦) الهبوات جمع الهبوة : الغبار.