علينا عمر فقلت وهو مقبل : أما والله ليقولن اليوم امير المؤمنين على هذا المنبر مقالة لم يقل قبله! قال فغضب سعيد بن زيد فقال : وأي مقالة يقول لم يقل قبله؟ فلما ارتقى عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه فلما فرغ من أذانه.
قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أمّا بعد ، فاني أريد ان أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها ، فمن وعاها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته ومن خشي ان لا يعيها فاني لا أحل لاحد أن يكذب على : ان الله بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم وانزل عليه الكتاب ، فكان مما انزل عليه آية الرجم ، فرجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده ، واني خائف أن يطول بالناس زمان فيقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله! فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وان الرجم على من أحصن إذا زنا وقامت عليه البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. ثم انّا قد كنّا نقرأ « ولا ترغبوا عن آبائكم » ثم ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : « لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ».
ثم انه بلغني أن فلانا منكم يقول : لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا ، فلا يغرن امرأ أن يقول : ان بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فقد كانت كذلك الا أن الله وقى شرها ودفع عن الإسلام والمسلمين ضرها ، وليس فيكم من تقطع اليه الأعناق مثل أبي بكر. وانه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن عليا والزبير ومن تبعهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ، وتخلفت عنا الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، واجتمع المهاجرون الى أبي بكر فقلت : با أبا بكر! انطلق بنا الى إخواننا من الأنصار ، فانطلقنا نؤمهم فلقينا رجلين صالحين من الأنصار شهدا بدرا فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا : نريد إخواننا هؤلاء الأنصار قالا : فارجعوا مضوا الأمر أمركم بينكم : فقلت والله لنأتينهم فأتيناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة بين أظهرهم رجل مزمل قلت : من هذا؟ قالوا : سعد بن عبادة ، قال : قلت : ما شأنه؟ قالوا : وجع.