الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ)(١) ، وتكون (مَوَدَّةَ) مفعولا من أجله ، أي إنما اتخذتم الأوثان من دون الله للمودة فيما بينكم ، لا لأنّ عند الأوثان نفعا أو ضرّا.
ومن نوّن (مَوَدَّةَ) في النصب أو في الرفع ، جعل (بَيْنِكُمْ) ظرفا ، فنصبه [نصب الظروف](٢) ، وهو الأصل ، والإضافة اتّساع في الكلام ، والعامل في الظرف «المودة». ويجوز أن تنصب (بَيْنِكُمْ) في قراءة من نوّن «مودة» على الصفة للمصدر ، لأنّه نكرة ، والنكرة توصف بالظروف والجمل والأفعال. فإذا نصبت (بَيْنِكُمْ) على أنه ظرف ، جاز أن يكون قوله (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ظرفا للمودة أيضا ، وكلاهما متعلق بالعامل وهو (مَوَدَّةَ) ، لأنهما ظرفان مختلفان ، أحدهما للزمان ، والآخر للمكان ، وإنما يمنع أن يتعلّق بعامل واحد ظرفا زمان ، أو ظرفا مكان ، ولا ضمير في واحد من هذين الظرفين ؛ إذ لم يقم واحد منهما مقام محذوف مقدّر (٣).
وإذا جعلت قوله (بَيْنِكُمْ) صفة ل (مَوَدَّةَ) كان متعلقا بمحذوف ، وفيه ضمير كان في المحذوف الذي هو صفة في الحقيقة ، فيكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في موضع الحال من ذلك الضمير في (بَيْنِكُمْ) ، والعامل فيه الظرف وهو (بَيْنِكُمْ) ، وفي الظرف وهو (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ضمير يعود على ذي الحال. والصّفة لا بدّ أن يكون فيها عائد على الموصوف ، فإذا قام مقام الصفة [ظرف] صار ذلك الضمير في الظرف ، كما يكون في الظرف إذا كان خبرا لمبتدإ أو حالا ، وقد تقدّم شرحه.
ولا يجوز أن (٤) يعمل في قوله تعالى (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، وهو حال من المضمر في (بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً) ، لأنّك قد وصفت المصدر بقوله (بَيْنِكُمْ) ،
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١٥٢.
(٢) زيادة في الأصل.
(٣) في الأصل : «تقدره».
(٤) أراد لفظ «مودة».