ولا يعمل بعد الصّفة ، لأن المعمول فيه داخل في الصلة ، والصفة غير داخلة في الصلة ، فتكون قد فرّقت بين الصلة والموصول ، فلا يعمل فيه إذا كان حالا من المضمر في (بَيْنِكُمْ) إلا (بَيْنِكُمْ) ، وفيه ضمير يعود على المضمر في (بَيْنِكُمْ) ، وهو هو ، لأنّ كلّ حال لا بدّ أن يكون فيها ضمير يعود على ذي الحال كالصفة. وأيضا فإنّ قوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) إذا جعلته حالا من المضمر في (بَيْنِكُمْ) ، والمضمر في (بَيْنِكُمْ) إنما ارتفع بالظرف ؛ وجب أن يكون العامل في الحال الظرف أيضا ، لأن العامل في ذي الحال هو العامل في الحال أبدا ؛ لأنها هو في المعنى (١) ، فلا يختلف العامل فيهما ؛ لأنه لو اختلف فيهما لكان قد عمل عاملان في شيء واحد ؛ إذ الحال هي صاحب الحال (٢) ، فلا يختلف العامل فيهما.
ويجوز أن تكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) صفة ل (مَوَدَّةَ) و (بَيْنِكُمْ) صفة أيضا ، فلا بدّ أن يكون في كل واحد منهما ضمير يعود على «المودة» ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة ، وفيه كان الضمير ، فلمّا قام الظرف مقامه انتقل الضمير إلى الظرف ، كما ينتقل إلى الظروف إذا كانت أخبارا للمبتدإ وتقدير المحذوف كأنّه قال : إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرّة بينكم ثابتة في الحياة الدنيا ، ثم حذفت «مستقرة» وفيها ضمير ، و «ثابتة» وفيها ضمير ، يعودان على «المودة» ، وقام (بَيْنِكُمْ) مقام «مستقرة» التي هي صفة ، فصار الضمير الذي كان فيها يعود على الموصوف في (بَيْنِكُمْ) ، فصارت صفة للمودة ؛ لأنها خلف عن الصفة ، وكذلك حذفت «ثابتة» وفيها ضمير ، وأقمت (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) مقامها ، فصار الضمير في قولك : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، وذلك المحذوف هو العامل في الظرفين جميعا ، وقاما مقام المحذوفين [من] الصفتين ، فصارا صفتين ، فيهما ضميران يعودان على الموصوف. وعلى هذا القياس يجري كل
__________________
(١) في الأصل : «لأنّ الحال المفعول في المعنى».
(٢) في الأصل : «هي صاحب الحال واسم فعله».