[٥٦] (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ، أي : قد قصرن طرفهن على أزواجهن ، من حسنهم وجمالهم ، وكمال محبتهن لهم ، وقصرن أيضا طرف أزواجهن عليهن ، من حسنهن وجمالهن ، ولذة وصالهن ، وشدة محبتهن. (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) ، أي : لم ينلهن أحد قبلهم ، من الإنس والجن ، بل هن أبكار عرب ، متحببات إلى أزواجهن ، بحسن التبعل والتغنج والملاحة والدلال ، ولهذا قال : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) (٥٨) ، وذلك لصفائهن وجمال منظرهن ، وبهائهن.
[٦٠] (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٦٠) ، أي : هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ، ونفع عبيده ، إلا أن يحسن إليه بالثواب الجزيل ، والفوز الكبير ، والنعيم ، والعيش السليم ، فهاتان الجنتان العاليتان للمقربين.
[٦٢] (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٦٢) من فضة بنيانهما وحليتهما ، وما فيهما لأصحاب اليمين.
[٦٤] وتلك الجنتان (مُدْهامَّتانِ) (٦٤) ، أي : سوداوان من شدة الخضرة والري.
[٦٦] (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) (٦٦) ، أي : فوارتان
[٦٨] (فِيهِما فاكِهَةٌ) من جميع أصناف الفواكه ، وأخصها : النخل ، والرمان ، اللذان فيهما من المنافع ، ما فيهما.
[٧٠] (فِيهِنَ) ، أي : في الجنات كلها (خَيْراتٌ حِسانٌ) ، أي : خيرات الأخلاق حسان الأوجه ، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن ، وحسن الخلق والخلق.
[٧٢] (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) (٧٢) ، أي : محبوسات في خيام اللؤلؤ ، قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن. ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ، ورياض الجنة ، كما جرت العادة لبنات الملوك المخدرات الخفرات.
[٧٤ ـ ٧٦] (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) ، أي : أصحاب هاتين الجنتين ، متكأهم على الرفرف الأخضر ، وهي : الفرش الّتي تحت المجالس العالية ، الّتي قد زادت على مجالسهم ، فصار لها رفرفة من وراء مجالسهم ، لزيادة البهاء ، وحسن المنظر. (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) العبقري : نسبة لكل منسوج نسجا حسنا فاخرا ، ولهذا وصفها بالحسن الشامل ، لحسن الصفة والمنظر ، ونعومة الملمس. وهاتان الجنتان ، دون الجنتين الأوليين ، كما نص الله على ذلك بقوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٦٢) ، وكما وصف الأوليين بعدة أوصاف ، لم يصف بها الأخريين ، فقال في الأوليين : (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) (٥٠) ، وفي الأخريين : (عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ). ومن المعلوم الفرق بين الجارية والنضاخة. وقال في الأوليين : (ذَواتا أَفْنانٍ) (٤٨) ولم يقل ذلك في الأخريين. وقال في الأوليين : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) (٥٢) ، وفي الأخريين : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٦٨) ، وقد علم ما بين الوصفين من التفاوت. وقال في الأوليين : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٥٤) ، ولم يقل ذلك في الأخريين ، بل قال : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) (٧٦). وقال في الأوليين ، في وصف نسائهم وأزواجهم : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ، وفي الأخريين : (مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) ، وقد علم التفاوت بين ذلك. وقال في الأوليين : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٦٠) ، فدلّ ذلك أن الأوليين جزاء المحسنين ، ولم يقل ذلك في الأخيرتين. ومجرد تقديم الأوليين على الأخريين ، يدل على فضلهما. فبهذه الأوجه يعرف فضل الأوليين على الأخريين ، وأنهما معدّتان