للمقربين من الأنبياء ، والصديقين ، وخواص عباد الله الصالحين ، وأن الأخريين معدتان لعموم المؤمنين. وفي كل من الجنات المذكورات ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وفيهن ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، وأهلهن في غاية الراحة والرضا والطمأنينة وحسن المأوى ، حتى إن كلّ واحد منهم ، لا يرى أحدا أحسن حالا منه ، ولا أعلى من نعيمه الذي هو فيه.
[٧٨] ولما ذكر سعة فضله وإحسانه ، قال : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٧٨) ، أي : تعاظم وكثر خيره ، الذي له الجلال الباهر ، والمجد الكامل ، والإكرام لأوليائه. تم تفسير سورة الرحمن ـ ولله الحمد والشكر والثناء الجميل.
سورة الواقعة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] يخبر تعالى بحال الواقعة ، الّتي لا بد من وقوعها ، وهي : القيامة الّتي (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٢) ، أي : لا شك فيها ، لأنها قد تظاهرت عليها الأدلة العقلية والسمعية ، ودلت عليها حكمته تعالى.
[٣] (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) ، أي : خافضة لأناس في أسفل سافلين ، رافعة لأناس في أعلى عليين ، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب ، ورفعت ، فأسمعت البعيد.
[٤] (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤) ، أي : حركت واضطربت.
[٥ ـ ٦] (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٥) ، أي : فتتت ، (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٦) ، فأصبحت ليس عليها جبل ولا معلم ، قاعا صفصفا ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
[٧] (وَكُنْتُمْ) أيها الخلق (أَزْواجاً ثَلاثَةً) ، أي : انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة.
[٨] ثمّ فصل أحوال الأزواج الثلاثة ، فقال : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (٨) ، تعظيم لشأنهم ، وتفخيم لأحوالهم.
[٩] (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) ، أي : الشمال ، (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) ، تهويل لحالهم.
[١٠ ـ ١١] (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١١) ، أي : السابقون في الدنيا إلى الخيرات ، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات. أولئك الّذين هذا وصفهم ، المقربون عند الله ، في جنات النعيم ، في أعلى عليين ، في المنازل العاليات ، الّتي لا منزلة فوقها.
[١٣] وهؤلاء المذكورون (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٣) ، أي : جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة وغيرهم.
[١٤] (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة ، على متأخريها لكون المقربين من الأولين ، أكثر من المتأخرين.
[١٥] والمقربون هم : خواص الخلق (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) (١٥) ، أي : مرمولة بالذهب والفضة ، واللؤلؤ والجوهر ، وغير ذلك ، من الحليّ ، والزينة ، الّتي لا يعلمها إلا الله تعالى.
[١٦] (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها) ، أي : على تلك السرر ، جلوس تمكن وطمأنينة ، وراحة واستقرار. (مُتَقابِلِينَ) وجه كلّ منهم إلى وجه صاحبه ، من صفاء قلوبهم ، وتقابلها بالمحبة وحسن أدبهم.
[١٧] (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (١٧) ، أي : يدور على