(عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً) بل يفردن الله وحده بالعبادة. (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) كما يجري لنساء الجاهلية الجهلاء «من وأد البنات». (وَلا يَزْنِينَ) كما كان ذلك موجودا كثيرا ، في البغايا وذوات الأخدان. (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) ، والبهتان : الافتراء على الغير ، أي : لا يفترين بكل حالة ، سواء تعلقت بهن مع أزواجهن ، أو تعلق ذلك بغيرهم. (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، أي : لا يعصينك في كل أمر تأمرهن به ، لأن أمرك لا يكون إلا بمعروف ، ومن ذلك طاعتهن لك ، في النهي عن النياحة ، وشق الجيوب ، وخمش الوجوه ، والدعاء بدعوى الجاهلية. (فَبايِعْهُنَ) إذا التزمن بجميع ما ذكر. (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ) عن تقصيرهن ، وتطييبا لخواطرهن. (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) ، أي : كثير المغفرة للعاصين ، والإحسان إلى المذنبين التائبين. (رَحِيمٌ) وسعت رحمته كل شيء ، وعم إحسانه البرايا.
[١٣] أي : يا أيها المؤمنون ، إن كنتم مؤمنين بربكم ، ومتبعين لرضاه ومجانبين لسخطه. (لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) وإنما غضب عليهم لكفرهم ، هذا شامل لجميع أصناف الكفار. (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ) ، أي : قد حرموا من خير الآخرة ، فليس لهم منها نصيب ، فاحذروا أن تولوهم ، فتوافقوهم على شرهم وشركهم ، فتحرموا خير الآخرة كما حرموا. وقوله : (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) حين أفضوا إلى الدار الآخرة ، وشاهدوا حقيقة الأمر ، وعلموا علم اليقين ، أنهم لا نصيب لهم منها. ويحتمل أن المعنى : قد يئسوا من الآخرة ، أي : قد أنكروها ، وكفروا بها. فلا يستغرب حينئذ منهم الإقدام على مساخط الله ، وموجبات عذابه ، وإياسهم من الآخرة ، كما يئس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا ، من رجوع أصحاب القبور إلى الله تعالى. تم تفسير سورة الممتحنة ـ والله أعلم.
تفسير سورة الصف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] وهذا بيان لعظمته تعالى وقهره ، وذل جميع الأشياء له ، تبارك وتعالى ، وأن جميع من في السماوات والأرض ، يسبحون بحمد الله ، ويعبدونه ، ويسألونه حوائجهم. (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الذي قهر الأشياء بعزته وسلطانه ، (الْحَكِيمُ) في خلقه وأمره.
[٢] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) (٢) ، أي : لم تقولون الخير ، وتحثون عليه ، وربما تمدحتم به ، وأنتم لا تفعلونه ، وتنهون عن الشر ، وربما نزهتم أنفسكم عنه ، وأنتم متلوثون متصفون به.
[٣] فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير ، أن يكون أول الناس مبادرة إليه ، والناهي عن الشر ، أن يكون أبعد الناس عنه ، قال تعالى :