والحواريين. (وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) منهم ، فلم ينقادوا لدعوتهم ، فجاهد المؤمنون الكافرين. (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ) ، أي : قويناهم ، ونصرناهم عليهم. (فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) عليهم قاهرين لهم. فأنتم يا أمة محمد ، كونوا أنصار الله ودعاة دينه ، ينصركم الله كما نصر من قبلكم ويظهركم على عدوكم. تم تفسير سورة الصف ـ والحمد لله رب العالمين.
سورة الجمعة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي : يسبح لله ، وينقاد لأمره ، ويتألهه ، ويعبده ، جميع ما في السماوات والأرض ، لأنه الكامل (الْمَلِكِ) ، الذي له مالك العالم العلوي والسفلي ، فالجميع مماليكه وتحت تدبيره. (الْقُدُّوسِ) المعظم ، المنزه عن كلّ آفة ونقص ، (الْعَزِيزِ) القاهر للأشياء كلها. (الْحَكِيمِ) في خلقه وأمره. فهذه الأوصاف العظيمة ، تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
[٢] (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً) المراد بالأميين : الّذين لا كتاب عندهم ، ولا أثر رسالة ، من العرب وغيرهم ممن ليسوا من أهل الكتاب. فامتن الله تعالى عليهم ، منة عظيمة ، أعظم من منته على غيرهم ، لأنهم عادمون للعلم والخير ، وكانوا من قبل في ضلال مبين ، يتعبدون للأصنام والأشجار والأحجار ، ويتخلقون بأخلاق السباع الضارية ، يأكل قويهم ضعيفهم ، وقد كانوا في غاية الجهل بعلوم الأنبياء. فبعث الله فيهم رسولا منهم ، يعرفون نسبه ، وأوصافه الجميلة وصدقه. وأنزل عليه كتابه (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) القاطعة الموجبة للإيمان واليقين. (وَيُزَكِّيهِمْ) بأن يفصل لهم الأخلاق الفاضلة ، ويحثهم عليها ، ويزجرهم عن الأخلاق الرذيلة. (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، أي : علم الكتاب والسنة ، المشتمل على علوم الأولين والآخرين. فكانوا بعد هذا التعليم والتزكية ، من أعلم الخلق ، بل كانوا أئمة أهل العلم والدين ، وأكمل الخلق أخلاقا ، وأحسنهم هديا وسمتا. اهتدوا بأنفسهم ، وهدوا غيرهم فصاروا أئمة المهتدين ، وقادة المتقين ، فلله تعالى عليهم ، ببعثة هذا الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أكمل نعمة ، وأجلّ منحة.
[٣] وقوله : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) ، أي : وامتن على آخرين من غيرهم ، أي : من غير الأميين ، ممن يأتي بعدهم ، ومن أهل الكتاب ، لما يلحقوا بهم ، أي : فيمن باشر دعوة الرسول. ويحتمل أنهم لما يلحقوا بهم في الفضل ، ويحتمل أن يكونوا لما يلحقوا بهم في الزمان ، وعلى كل ، فكلا المعنيين صحيح. فإن الّذين بعث الله فيهم رسوله ، وشاهدوه ، وباشروا دعوته ، حصل لهم من الخصائص والفضائل ، ما لا يمكن أحدا أن يلحقهم فيها ، وهذا من عزته وحكمته ، حيث لم يترك عباده هملا ولا سدى ، بل ابتعث فيهم الرسل ، وأمرهم ونهاهم ، وذلك من فضله العظيم ، الذي يؤتيه من يشاء من عباده ، وهو أفضل من نعمته عليهم بعافية البدن وسعة الرزق ، وغير ذلك من النعم الدنيوية. فلا أعظم من نعمة الدين الّتي هي مادة الفوز ، والسعادة الأبدية.
[٥] لما ذكر تعالى منته على هذه الأمة ، الّذين بعث فيها النبي الأمي ، وما خصهم الله من المزايا والمناقب ، الّتي لا