(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً) من الواجبات والمستحبات.
[١١] (وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فيها من النعيم المقيم ، ما لا عين رأيت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. (خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) ، أي : ومن لم يؤمن بالله ورسوله ، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
[١٢] ثمّ أخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض ، ومن فيهن ، والأرضين السبع ومن فيهن ، وما بينهن ، وأنزل الأمر وهو : الشرائع والأحكام الدينية ، الّتي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم ، وكذلك الأوامر الكونية والقدرية ، الّتي يدبر بها الخلق ، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها ، وإحاطة علمه بجميع الأشياء. فإذا عرفوه بأسمائه الحسنى وأوصافه المقدسة ، عبدوه ، وأحبوه ، وقاموا بحقه ، فهذه هي الغاية المقصودة من الخلق والأمر : معرفة الله وعبادته. فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين ، وأعرض عن ذلك ، الظالمون المعرضون. تم تفسير سورة الطلاق ـ والحمد لله.
تفسير سورة التحريم
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] هذا عتاب من الله لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، حين حرم على نفسه سريته «مارية» أو شرب العسل ، مراعاة لخاطر بعض زوجاته ، في قصة معروفة. فأنزل الله هذه الآيات (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) ، أي : يا أيها الذي أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة والوحي (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) من الطيبات الّتي أنعم الله بها عليك وعلى أمتك. (تَبْتَغِي) بذلك التحريم (مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). هذا تصريح بأن الله قد غفر لرسوله ، ورفع عنه اللوم ، ورحمه ، وصار ذلك التحريم الصادر منه سببا لشرع حكم عام لجميع الأمة ، فقال تعالى :
[٢] (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) ، وهذا عام في جميع أيمان المؤمنين ، أي : قد شرع لكم ، وقدر ما به تنحل أيمانكم قبل الحنث ، وما به تتكفر بعد الحنث. وذلك كما في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧) إلى أن قال : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ). فكل من حرم حلالا عليه ، من طعام أو شراب ، أو سرية ، أو حلف يمينا بالله ، على فعل أو ترك ، ثمّ حنث ، وأراد الحنث ، فعليه هذه الكفارة المذكورة. وقوله : (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) ، أي : متولي أموركم ، ومربيكم أحسن تربية ، في أمر دينكم ودنياكم ، وما به يندفع عنكم الشر ، فلذلك فرض لكم تحلة أيمانكم ، لتبرأ ذممكم. (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الذي أحاط علمه بظواهركم وبواطنكم ، وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به.