مطمئن قلبه ، غير خائف من ربه.
[٣٣] (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣) ، أي : ليس على باله شيء.
[٣٤ ـ ٣٥] ثمّ توعده بقوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) وهذه كلمات وعيد كررها لتكرير وعيده.
[٣٦] ثمّ ذكّر الإنسان بخلقه الأول ، فقال : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٣٦) ، أي : مهملا ، لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يثاب ولا يعاقب؟ هذا حسبان باطل ، وظن بالله غير ما يليق بحكمته.
[٣٧ ـ ٣٨] (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ) بعد المني (عَلَقَةً) أي : دما (فَخَلَقَ) الله منها الحيوان (فَسَوَّى) أي :
أتقنه وأحكمه.
[٣٩ ـ ٤٠] (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ) ، أي : الذي خلق الإنسان وطوره إلى هذه الأطوار المختلفة (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) ، بلى إنه على كلّ شيء قدير. تم تفسير سورة القيامة.
سورة الإنسان
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] ذكر الله في هذه السورة ، أول حال الإنسان ومنتهاها ومتوسطها. فذكر أنه مر عليه (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) طويل ، وهو الذي قبل وجوده ، وهو معدوم (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً).
[٢] ثمّ لما أراد خلقه خلق أباه آدم من طين ، ثمّ جعل نسله متسلسلا (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) ، أي : ماء مهين مستقذر (نَبْتَلِيهِ) بذلك ، لنعلم هل يرى حاله الأولى ، ويتفطن لها أم ينساها وتغره نفسه؟ فأنشأه الله ، وخلق له القوى الظاهرة والباطنة ، كالسمع والبصر ، وسائر الأعضاء فأتمها له وجعلها سالمة ، يتمكن بها من تحصيل مقاصده.
[٣] ثمّ أرسل إليه الرسل ، وأنزل عليه الكتب ، وهداه الطريق الموصلة إليه ، وبيّنها ، ورغّبه فيها ، وأخبره بما له عند الوصول إليه. ثمّ أخبره بالطريق الموصلة إلى الهلاك ، ورهّبه عنها ، وأخبره بما له ، إذا سلكها ، وابتلاه بذلك ، فانقسم الناس إلى شاكر لنعمة الله عليه ، قائم بما حمله الله من حقوقه. وإلى كفور للنعم ، أنعم الله عليه بالنعم الدينية والدنيوية ، فردّها ، وكفر بربه ، وسلك الطريق الموصلة إلى الهلاك.
[٤] أي : إنا هيأنا ، وأرصدنا لمن كفر بالله ، وكذب رسله ، وتجرأ على معاصيه. (سَلاسِلَ) في نار جهنم ، كما قال تعالى : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) (٣٢). (وَأَغْلالاً) تغل بها أيديهم إلى أعناقهم ، ويوثقون بها. (وَسَعِيراً) ، أي : نارا تستعر بها أجسامهم ، وتحرق بها أبدانهم ، (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ). وهذا العذاب الدائم ، مؤبد لهم ، مخلدون فيه سرمدا.
[٥] وأما (الْأَبْرارَ) وهم : الّذين برت قلوبهم ، بما فيها من معرفة الله ومحبته ، والأخلاق الجميلة ، فبرت أعمالهم ، واستعملوها بأعمال البر. فأخبر أنهم (يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ) ، أي : شراب لذيذ من خمر قد مزج بكافور ، أي : خلط به ، ليبرده ، ويكسر حدته ، وهذا الكافور في