قدره ، تابع لحكمته ، موافق للحمد.
[٢٤] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٤).
[٢٥] أي : أما مننّا عليكم ، وأنعمنا ، بتسخير الأرض لمصالحكم ، فجعلناها (كِفاتاً) لكم.
[٢٦] (أَحْياءً) في الدور (وَأَمْواتاً) في القبور ، فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته ، فكذلك القبور ، رحمة في حقهم ، وستر لهم ، عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.
[٢٧] (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ) ، أي : جبالا ترسي الأرض ، لئلا تميد بأهلها ، فثبتها الله بالجبال الراسيات الشامخات ، أي : الطوال العراض. (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) ، أي : عذبا زلالا ، قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) (٧٠).
[٢٨] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨) مع ما أراهم الله من النعم ، الّتي انفرد بها ، واختصهم بها ، فقابلوها بالتكذيب.
[٢٩] هذا من الويل ، الذي أعد للمجرمين المكذبين ، أن يقال لهم يوم القيامة : [٢٩] (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٩) ثمّ فسر ذلك بقوله : [٣٠] (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (٣٠) ، أي : إلى ظل نار جهنم ، الّتي تتمايز في خلاله ثلاث شعب ، أي : قطع من النار ، تتعاوره وتتناوبه ، وتجتمع به. [٣١] (لا ظَلِيلٍ) ذلك الظل ، أي : لا راحة فيه ، ولا طمأنينة. (وَلا يُغْنِي) من مكث فيه (مِنَ اللهَبِ) ، بل اللهب قد أحاط به ، يمنة ويسرة ، ومن كلّ جانب ، كما قال تعالى : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) ، (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٤١). ثمّ ذكر عظيم شرر النار ، الدال على عظمها وفظاعتها ، وسوء منظرها ، فقال :
[٣٢] (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (٣٣) وهي : السود الّتي تضرب إلى لون فيه صفرة ، وهذا يدل على أن النار مظلمة ، لهبها وجمرها وشررها ، وأنها سوداء ، كريهة المنظر ، شديدة الحرارة ، نسأل الله العافية منها ، ومن الأعمال المقربة منها. [٣٤] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٣٤).
[٣٥] أي : هذا اليوم العظيم الشديد على المكذبين ، لا ينطقون فيه من الخوف والوجل الشديد.
[٣٦] (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦) ، أي : لا تقبل معذرتهم ، ولو اعتذروا : (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٥٧).
[٣٨] (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) (٣٨) لنفصل بينكم ، ونحكم بين الخلائق.
[٣٩] (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ) تقدرون على الخروج به عن ملكي ، وتنجون من عذابي ، (فَكِيدُونِ) ، أي : ليس لكم قدرة ولا سلطان ، كما قال تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) (٣٣). ففي ذلك اليوم ، تبطل حيل الظالمين ، ويضمحل مكرهم وكيدهم ، ويستسلمون لعذاب الله ، ويبين لهم كذبهم في تكذيبهم
[٤٠] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٠).
[٤١] لما ذكر عقوبة المكذبين ، ذكر مثوبة المحسنين ، فقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) ، أي : للتكذيب ، المتصفين بالتصديق ، في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم. ولا يكونون كذلك ، إلا بأدائهم الواجبات ، وتركهم المحرمات. (فِي ظِلالٍ) من كثرة الأشجار المتنوعة ، الزاهرة البهية. (وَعُيُونٍ) جارية من السلسبيل ، والرحيق وغيرهما.