تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنّان

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنّان

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنّان

[٦] ثمّ ذكر تعالى النعم والأدلة الدالة على ما جاءت به الرسل ، فقال : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ) ، إلى : (أَلْفافاً). أي : أما أنعمنا عليكم بنعم جليلة ، فجعلنا لكم (الْأَرْضَ مِهاداً) ، أي : ممهدة مذللة لكم ولمصالحكم ، من الحروث ، والمساكن والسبل.

[٧] (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) (٧) تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد.

[٨] (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) (٨) ، أي : ذكورا وإناثا ، من جنس واحد ، ليسكن كلّ منهما إلى الآخر ، فتتكون المودة والرحمة ، وتنشأ عنهما الذرية ، وفي ضمن هذا الامتنان ، بلذة المنكح.

[٩] (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) (٩) ، أي : راحة لكم ، وقطعا لأشغالكم ، الّتي متى تمادت بكم ، أضرت بأبدانكم ، فجعل الله الليل والنوم ، يغشى الناس ، لتسكن حركاتهم الضارة ، وتحصل راحتهم النافعة.

[١٢] (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (١٢) ، أي : سبع سموات ، في غاية القوة ، والصلابة والشدة. وقد أمسكها الله بقدرته ، وجعلها سقفا للأرض ، فيها عدة منافع لهم ، ولهذا ذكر من منافعها الشمس ، فقال :

[١٣] (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) (١٣) نبه بالسراج على النعمة بنورها الذي صار ضرورة للخلق ، وبالوهاج ، وهي : حرارتها ، على ما فيها من الإنضاج والمنافع.

[١٤] (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) ، أي : السحاب (ماءً ثَجَّاجاً) ، أي : كثيرا جدا.

[١٥] (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا) من برّ وشعير ، وذرة ، وأرز ، وغير ذلك مما يأكله الآدميون. (وَنَباتاً) يشمل سائر النبات ، الذي جعله الله قوتا لمواشيهم.

[١٦] (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦) ، أي : بساتين ملتفة ، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة. فالذي أنعم بهذه النعم الجليلة ، الّتي لا يقدر قدرها ، ولا يحصى عددها كيف تكفرون به ، وتكذبون ما أخبركم به ، من البعث والنشور؟ أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه ، وتجحدونها؟

[١٧] ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة الذي يتساءل عنه المكذبون ، ويجحده المعاندون ، أنه يوم عظيم ، وأن الله جعله (مِيقاتاً) للخلق.

[١٨] (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) ، ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له المولود ، وتنزعج له القلوب. فتسير الجبال ، حتى تكون كالهباء المبثوث ، وتنشق السماء حتى تكون أبوابا ، ويفصل الله بين الخلائق ، بحكمه الذي لا يجور ، وتوقد نار جهنم الّتي أرصدها الله ، وأعدها للطاغين وجعلها مثوى لهم ومآبا ، وأنهم يلبثون فيها أحقابا كثيرة ، و «الحقب» على ما قاله كثير من المفسرين : ثمانون سنة.

[٢٤] فإذا وردوها (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) ، أي : لا ما يبرد جلودهم ، ولا ما يدفع ظمأهم. (إِلَّا حَمِيماً) ، أي : ماء حارا ، يشوي وجوههم ، ويقطع أمعاءهم. (وَغَسَّاقاً) وهو صديد أهل النار ، الذي هو في غاية النتن ، وكراهة المذاق.

[٢٦] وإنّما استحقوا هذه العقوبات الفظيعة (جَزاءً وِفاقاً) (٢٦) لهم على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها ، لم يظلمهم الله ، ولكن ظلموا أنفسهم ، ولهذا ذكر أعمالهم ، الّتي استحقوا بها هذا الجزاء ، فقال :

[٢٧] (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) (٢٧) ، أي : لا يؤمنون بالبعث ، ولا أن الله يجازي الخلق ، بالخير والشر ، فلذلك أهملوا العمل للآخرة.

[٢٨] (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) (٢٨) ، أي : كذبوا بها ، تكذيبا واضحا ، صريحا ، وجاءتهم البينات فعاندوها.