[١١] (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ) الذي أطغاه ، واستغنى به ، وبخل به. (إِذا تَرَدَّى) ، أي : هلك ومات ، فإنه لا يصحب الإنسان إلا عمله الصالح. وأما ماله الذي لم يخرج منه الواجب ، فإنه يكون وبالا عليه ، إذ لم يقدم منه لآخرته شيئا.
[١٢] (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (١٢) ، أي : إن الهدى المستقيم طريقه يوصل إلى الله ، ويدني من رضاه. وأما الضلال ، فطرقه مسدودة عن الله ، لا توصل صاحبها إلا للعذاب الشديد.
[١٣] (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) (١٣) ملكا وتصرفا ، ليس له فيهما مشارك ، فليرغب الراغبون إليه في الطلب ، ولينقطع رجاؤهم عن المخلوقين.
[١٤] (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤) ، أي : تستعر وتتوقد.
[١٥ ـ ١٦] (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ) بالخبر (وَتَوَلَّى) عن الأمر.
[١٧ ـ ١٨] (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١٨) بأن يكون قصده به تزكية نفسه ، وتطهيرها من الذنوب والأدناس ، قاصدا به وجه الله تعالى. فدل هذا على أنه إذا تضمن الإنفاق المستحب ، ترك واجب كدين ونفقة ونحوهما ، فإنه غير مشروع ، بل تكون عطيته مردودة عند كثير من العلماء ، لأنه يتزكى بفعل مستحب يفوت عليه الواجب.
[١٩] (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) (١٩) ، أي : ليس لأحد من الخلق على هذا الأتقى نعمة تجزى ، إلا وقد كافأه عليها ، وربما بقي له الفضل والمنة على الناس ، فتمحض عبدا لله ، لأنه رقيق إحسانه وحده. وأما من بقيت عليه نعمة الناس ، فلم يجزها ويكافئها ، فإنه لا بد أن يترك الناس ، ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه. وهذه الآية وإن كانت متناولة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بل قد قيل : إنها نزلت بسببه ، فإنه ـ رضي الله عنه ـ ما لأحد عنده من نعمة تجزى ، حتى ولا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلا نعمة الرسول التي لا يمكن جزاؤها ، وهي نعمة الدعوة إلى الإسلام ، وتعليم الهدى ودين الحق ، فإن لله ورسوله المنة على كل أحد. منة لا يمكن لها جزاء ولا مقابلة ، فإنها متناولة لكل من اتصف بهذا الوصف الفاضل. فلم يبق لأحد عليه من الخلق نعمة تجزى ، فبقيت أعماله خالصة لوجه الله تعالى.
[٢٠ ـ ٢١] ولهذا قال : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى) (٢١) هذا الأتقى بما يعطيه الله من أنواع الكرامات والمثوبات. تم تفسير سورة الليل والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الضحى
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢] أقسم تعالى ، بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى ، وبالليل إذا سجى ، وادلهمّت ظلمته ، على اعتناء الله