سورة التين
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (وَالتِّينِ) هو التين المعروف ، وكذلك (وَالزَّيْتُونِ) أقسم بهاتين الشجرتين ، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما ، ولأن سلطانهما في أرض الشام ، محل نبوة عيسى ابن مريم عليهالسلام.
[٢] (وَطُورِ سِينِينَ) (٢) ، أي : طور سيناء ، محل نبوة موسى عليهالسلام.
[٣] (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣) وهو مكة المكرمة ، محل نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم. فأقسم تعالى بهذه المواضع المقدسة ، التي اختارها وابتعث منها أفضل الأنبياء وأشرفهم. والمقسم عليه قوله :
[٤] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) ، أي : تام الخلق ، متناسب الأعضاء ، منتصب القامة ، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرا وباطنا شيئا.
[٥] ومع هذه النعم العظيمة ، التي ينبغي له القيام بشكرها ، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم ، مشتغلون باللهو واللعب ، قد رضوا لأنفسهم ، بأسافل الأمر ، وسفساف الأخلاق. فردهم الله في أسفل سافلين ، أي : أسفل النار ، موضع العصاة المتمردين على ربهم ، إلا من منّ الله عليه بالإيمان ، والعمل الصالح ، والأخلاق الفاضلة العالية.
[٦] (فَلَهُمْ) بذلك المنازل العالية ، و (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ، أي : غير مقطوع ، بل لذات متوافرة ، وأفراح متواترة ، ونعم متكاثرة ، في أبد لا يزول ، ونعيم لا يحول ، أكلها دائم وظلها.
[٧] (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) (٧) ، أي : أي شيء يكذبك أيها الإنسان ، بيوم الجزاء على الأعمال ، وقد رأيت من آيات الله الكثيرة ما يحصل لك به اليقين ، ومن نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء منها؟
[٨] (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) (٨) ، فهل تقتضي حكمته أن يترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون ، ولا يثابون ولا يعاقبون؟ أم الذي خلق بني الإنسان أطوارا بعد أطوار ، وأوصل إليهم من النعم والخير والبر ما لا يحصونه ، ورباهم التربية الحسنة ، لا بد أن يعيدهم إلى دار هي مستقرهم ، وغايتهم التي إليها يقصدون ، ونحوها يؤمون. تم تفسير سورة التين ـ والحمد.
تفسير سورة العلق
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فإنها نزلت في مبادئ النبوة ، إذ كان لا يدري ما