سورة القدر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] يقول تعالى مبينا لفضل القرآن وعلو قدره : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) وذلك أن الله تعالى ، ابتدأ بإنزال القرآن في رمضان في ليلة القدر ، ورحم الله بها العباد رحمة عامة ، لا يقدر العباد لها شكرا. وسميت ليلة القدر ، لعظم قدرها ، وفضلها عند الله ، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق ، والمقادير القدرية.
[٢] ثم فخّم شأنها ، وعظّم مقدارها ، فقال : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٢) ، أي : فإن شأنها جليل ، وخطرها عظيم.
[٣] (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣) ، أي : تعادل في فضلها ألف شهر ، فالعمل الذي يقع فيها ، خير من العمل في ألف شهر ، خالية منها. وهذا مما تتحير فيه الألباب ، وتندهش له العقول ، حيث منّ تعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى ، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر ، عمر رجل معمر عمرا طويلا ، نيفا وثمانين سنة.
[٤ ـ ٥] (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) ، أي : يكثر نزولهم فيها (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٥) سَلامٌ هِيَ) ، أي : سالمة من كل آفة وشر ، وذلك لكثرة خيرها. (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ، أي : مبتداها من غروب الشمس ، ومنتهاها طلوع الفجر. وقد تواترت الأحاديث في فضلها ، وأنها في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه ، خصوصا في أوتاره ، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة. ولهذا كان النبي صلىاللهعليهوسلم يعتكف ، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان ، رجاء ليلة القدر ، والله أعلم. تم تفسير سورة القدر ـ بعون الله تعالى.
تفسير سورة البينة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] يقول تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، أي : من اليهود والنصارى (وَالْمُشْرِكِينَ) من سائر أصناف الأمم. (مُنْفَكِّينَ) عن كفرهم وضلالهم ، الذي هم عليه ، أي : لا يزالون في غيهم وضلالهم ، لا يزيدهم مرور الأوقات إلا كفرا. (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) الواضحة ، والبرهان الساطع ، ثم فسر تلك البينة فقال :
[٢] (رَسُولٌ مِنَ اللهِ) ، أي : أرسله الله ، يدعو الناس إلى الحق ، وأنزل عليه كتابا يتلوه ، ليعلم الناس الحكمة ، ويزكيهم ، ويخرجهم من