الحقوق المالية والبدنية ، إلّا من هداه الله وخرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق.
[٧] (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) (٧) ، أي : إن الإنسان ، على ما يعرف من نفسه من المنع والكند ، لشاهد بذلك ، لا يجحده ولا ينكره ، لأن ذلك ، بيّن واضح. ويحتمل أن الضمير عائد إلى الله ، أي : إن العبد لربه لكنود ، والله شهيد على ذلك ، ففيه الوعيد ، والتهديد الشديد ، لمن هو عليه كنود ، بأن الله عليه شهيد.
[٨] (وَإِنَّهُ) ، أي : الإنسان (لِحُبِّ الْخَيْرِ) ، أي : المال (لَشَدِيدٌ) ، أي : كثير الحب للمال. وحبه لذلك ، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه ، قدم شهوة نفسه على رضا ربه ، وكلّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار ، وغفل عن الآخرة. ولهذا قال ـ حاثا له على خوف يوم الوعيد ـ :
[٩] (أَفَلا يَعْلَمُ) ، أي : هلّا يعلم هذا المعتز (إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) ، أي : أخرج الله الأموات من قبورهم ، لحشرهم ونشرهم.
[١٠] (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) ، أي : ظهر وبان ما فيها ، وما استتر في الصدور من كمائن الخير والشر ، فصار السر علانية ، والباطن ظاهرا ، وبان على وجوه الخلق نتيجة أعمالهم.
[١١] (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١) بأعمالهم الظاهرة والباطنة ، الخفية والجلية ، ومجازيهم عليها. وخص خبرهم بذلك اليوم ، مع أنه خبير بهم في كلّ وقت ، لأن المراد بهذا ، الجزاء على الأعمال ، الناشئ عن علم الله ، واطلاعه. تم تفسير سورة العاديات ، ولله الحمد والمنة.
تفسير سورة القارعة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (الْقارِعَةُ) (١) من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك ، لأنها تقرع الناس وتزعجهم بأهوالها. ولهذا عظم أمرها ، وفخمه بقوله : (الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ) من شدة الفزع والهول. (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) ، أي : كالجراد المنتشر ، الذي يموج بعضه في بعض ، والفراش هي : الحيوانات التي تكون في الليل ، يموج بعضها ببعض لا تدري أين توجه. فإذا أوقد لها نار ، تهافتت إليها ، لضعف إدراكها ، فهذه حال الناس أهل العقول.
[٥] وأما الجبال الصم الصلاب ، فتكون (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) ، أي : كالصوف المنفوش ، الذي بقي ضعيفا جدا ، تطير به أدنى ريح. قال تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ). ثمّ بعد ذلك ، تكون هباء