طاقتهم ، وقد غفر لهم ورحمهم ، ونصرهم على القوم الكافرين. فنسأل الله تعالى ، بأسمائه وصفاته ، وبما منّ به علينا من التزام دينه ، أن يحقق لنا ذلك ، وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه ، وأن يصلح أحوال المؤمنين. ويؤخذ من هنا قاعدة التيسير ، ونفي الحرج في أمور الدين كلها. وقاعدة العفو عن النسيان والخطأ ، في العبادات ، وفي حقوق الله تعالى. وكذلك في حقوق الخلق من جهة رفع المأثم ، وتوجه الذم. وأما وجوب ضمان المتلفات ، خطأ أو نسيانا ، في النفوس والأموال ، فإنه مرتب على الإتلاف بغير حق ، وذلك شامل لحالة الخطأ والنسيان ، والعمد.
تم تفسير سورة البقرة ، ولله الحمد والثناء ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
سورة آل عمران
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (الم) (١) من الحروف التي لا يعلم معناها إلا الله.
[٢ ـ ٣] فأخبر تعالى أنه (الْحَيُ) كامل الحياة ، (الْقَيُّومُ) القائم بنفسه ، المقيم لأحوال خلقه ، وقد أقام أحوالهم الدينية ، وأحوالهم الدنيوية والقدرية ، فأنزل على رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم الكتاب بالحق ، الذي لا ريب فيه ، وهو مشتمل على الحق (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب ، أي : شهد بما شهدت به ، ووافقها ، وصدق من جاء بها من المرسلين. وكذلك (أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ).
[٤] (مِنْ قَبْلُ) هذا الكتاب (هُدىً لِلنَّاسِ). وأكمل الرسالة وختمها بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وكتابه العظيم الذي هدى الله به الخلق ، من الضلالات ، واستنقذهم به من الجهالات ، وفرّق به بين الحق والباطل ، والسعادة والشقاوة ، والصراط المستقيم ، وطرق الجحيم ، فالذين آمنوا به واهتدوا ، حصل لهم به الخير الكثير ، والثواب العاجل والآجل. و (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) التي بينها في كتابه وعلى لسان رسوله (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ممن عصاه.
[٥] ومن تمام قيوميته تعالى ، أن علمه محيط بالخلائق (لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) حتى ما في بطون الحوامل.
[٦] فهو (الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) من ذكر وأنثى ، وكامل الخلق وناقصه ، متنقلين في أطوار خلقته وبديع حكمته ، فمن هذا شأنه مع عباده ، واعتناؤه العظيم بأحوالهم ، من حين أنشأهم إلى منتهى أمورهم لا مشارك له في ذلك ـ فيتعين أنه لا يستحق العبادة إلا هو. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ) الذي قهر الخلائق بقوته ، واعتز عن أن يوصف بنقص أو ينعت بذم (الْحَكِيمُ) في خلقه وشرعه.
[٧] يخبر تعالى عن عظمته ، وكمال قيوميته ، أنه هو الذي تفرد بإنزال هذا الكتاب العظيم ، الذي لم يوجد ـ ولن