وعيد ورد في الذنوب ، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها ، وأنها موجبة لدخول النار. فدل ذلك ، أنها من أكبر الكبائر : نسأل الله العافية.
أحكام المواريث ـ بيان أصحابها
هذه الآيات والآية التي هي آخر السورة من آيات المواريث المتضمنة لها. فإنها ـ مع حديث عبد الله بن عباس ، الثابت في صحيح البخاري «ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي ، فلأولى رجل ذكر» ـ مشتملات على جل أحكام الفرائض ، بل على جميعها ، كما سترى ذلك ، إلا ميراث الجدات ، فإنه غير مذكور في ذلك. لكنه قد ثبت في السنن ، عن المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة أن النبي صلىاللهعليهوسلم أعطى الجدة السدس ، مع إجماع العلماء على ذلك.
بيان ميراث الأولاد
[١١] (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) أي : أولادكم ـ يا معشر الوالدين ـ عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم ، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية. فتعلمونهم وتؤدبونهم ، وتكفونهم عن المفاسد ، وتأمرونهم بطاعة الله ، وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) فالأولاد ـ عند والديهم ـ موصى بهم. فإما أن يقوموا بتلك الوصية ، فلهم جزيل الثواب. وإما أن يضيعوها ، فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين ، حيث أوصى الوالدين ـ مع كمال شفقتهما ، عليهم. ثم ذكر كيفية إرثهم فقال : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أي : الأولاد للصلب ، والأولاد للابن ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، إن لم يكن معهم صاحب فرض ، أو ما أبقت الفروض ، يقتسمونه كذلك. وقد أجمع العلماء على ذلك ، وأنه ـ مع وجود أولاد الصلب ـ فالميراث لهم. وليس لأولاد الابن شيء ، حيث كان أولاد الصلب ، ذكورا وإناثا. هذا مع اجتماع الذكور والإناث. وهنا حالتان : انفراد الذكور ، وسيأتي حكمها. وانفراد الإناث ، وقد ذكره بقوله :
أحكام البنات في الميراث
(فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) أي : بنات صلب ، أو بنات ابن ، ثلاثا فأكثر (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) أي : بنتا ، أو بنت ابن (فَلَهَا النِّصْفُ) وهذا إجماع. بقي أن يقال : من أين يستفاد أن للابنتين الثنتين ، الثلثين بعد الإجماع على ذلك؟ فالجواب أنه يستفاد من قوله : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ). فمفهوم ذلك ، أنه إن زادت على الواحدة ، انتقل الفرض عن النصف ، ولا ثم بعده إلا الثلثان. وأيضا ، فقوله : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إذا خلّف ابنا وبنتا ، فإن الابن ، له الثلثان ، وقد أخبر الله ، أنه مثل حظ الأنثيين. فدل ذلك ، على أن للبنتين الثلثين. وأيضا فإن البنت إذا أخذت الثلث مع أخيها ـ وهو أزيد ضررا عليها من أختها ـ فأخذها له ـ مع أختها ـ من باب أولى وأحرى. وأيضا فإن قوله تعالى في الأختين : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) نص في الأختين الثلثين. فإذا كان الأختان الثنتان ـ مع بعدهما ـ يأخذان الثلثين ، فالابنتان ـ مع قربهما ـ من باب أولى وأحرى. وقد أعطى