ونحوها ، لمن يتأتى منه التملك. وأما الرقيق ، فلا يتأتى منه ذلك ، فعلم أنه لا ميراث له. وأما من بعضه حر ، وبعضه رقيق ، فإنه تتبعض أحكامه. فما فيه من الحرية ، يستحق بها ما رتبه الله في المواريث ، لكون ما فيه من الحرية ، قابلا للتملك ، وما فيه من الرق ، فليس بقابل لذلك. فإذا يكون المبعض ، يرث ويورث ، ويحجب بقدر ما فيه من الحرية. وإذا كان العبد يكون محمودا ومذموما ، مثابا ومعاقبا ، بقدر ما فيه من موجبات ذلك ، فهذا كذلك.
حكم الخنثى والمشكل في الميراث
وأما (الخنثى) فلا يخلو ، إما أن يكون واضحا ذكوريته أو أنوثيته ، أو مشكلا. فإن كان واضحا ، فالأمر فيه واضح. إن كان ذكرا ، فله حكم الذكور ، ويشمله النص الوارد فيهم. وإن كانت أنثى ، فلها حكم الإناث ، ويشملها النص الوارد فيهن. وإن كان مشكلا ، فإن كان الذكر والأنثى لا يختلف إرثهما ـ كالإخوة للأم ـ فالأمر فيه واضح. وإن كان يختلف إرثه ، بتقدير ذكوريته ، وبتقدير أنوثيته ، ولم يبق لنا طريق إلى العلم بذلك ، لم نعطه أكثر التقديرين ، لاحتمال ظلم من معه من الورثة ، ولم نعطه الأقل ، لاحتمال ظلمنا إياه. فوجب التوسط بين الأمرين ، وسلوك أعدل الطريقين ، قال تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى). فليس لنا طريق إلى العدل في مثل هذا ، أكثر من هذا الطريق المذكور. (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
ميراث الجد
وأما (ميراث الجد) مع الإخوة الأشقاء ، أو لأب ، وهل يرثون معه أم لا؟ فقد دلّ كتاب الله ، على قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أن الجد يحجب الإخوة ، أشقاء ، أو لأب ، أو لأم ، كما يحجبهم الأب. وبيان ذلك : أن الجد : أب في غير موضع من القرآن كقوله تعالى : (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) الآية. وقال يوسف عليهالسلام : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ). فسمى الله الجد ، وجد الأب ، أبا. فدل ذلك ، على أن الجد ، بمنزلة الأب ، يرث ما يرثه الأب ، ويحجب من يحجبه (أي : عند عدمه). وإذا كان العلماء ، قد أجمعوا على أن الجد ، حكمه حكم الأب عند عدمه في ميراثه مع الأولاد وغيرهم ، من بين الإخوة والأعمام وبينهم ، وسائر أحكام المواريث ـ فينبغي أيضا ، أن يكون حكمه حكمه ، في حجب الإخوة لغير أم. وإذا كان ابن الابن بمنزلة ابن الصلب ، فلم لا يكون الجد بمنزلة الأب؟
وإذا كان جد الأب ، مع ابن الأخ ، قد اتفق العلماء على أنه يحجبه. فلم لا يحجب جد الميت أخاه؟ فليس مع من يورث الإخوة مع الجد ، نص ولا إشارة ، ولا تنبيه ، ولا قياس صحيح.
العول وأحكامه
وأما مسائل (العول) فإنه يستفاد حكمها من القرآن. وذلك أن الله تعالى ، قد فرض ، وقدّر لأهل المواريث أنصباء. وهم بين حالتين : إما أن يحجب بعضهم بعضا ، أو لا. فإن حجب بعضهم بعضا ، فالمحجوب ساقط ، لا يزاحم ، ولا يستحق شيئا وإن لم يحجب بعضهم بعضا ، فلا يخلو. إما أن لا تستغرق الفروض التركة ، أو تستغرقها من غير زيادة ولا نقص أو تزيد الفروض على التركة. ففي الحالتين الأوليين ، كل يأخذ فرضه كاملا. وفي الحالة الأخيرة وهي ـ ما إذا زادت الفروض على التركة ـ فلا يخلوا من حالين : إما أن ننقص بعض الورثة عن فرضه الذي فرضه الله له ، ونكمل للباقين منهم فروضهم ، وهذا ترجيح بغير مرجح ، وليس نقصان أحدهم بأولى من الآخر. فتعينت الحال الثانية ، وهو : أننا نعطي كل واحد منهم نصيبه ، بقدر الإمكان ، ونحاصص بينهم ، كديون الغرماء الزائدة على مال الغريم ولا طريق موصل إلى ذلك إلا بالعول. فعلم من هذا ، أن العول في الفرائض ، قد بينه الله في كتابه.