فصل
في شرح أسماء الله الحسنى
قد تكرر كثير من أسماء الله الحسنى في القرآن بحسب المناسبات ، والحاجة داعية إلى التنبيه إلى معانيها الجامعة فنقول :
قد تكرر اسم (الرب) في آيات كثيرة.
و «الرب» هو : المربي جميع عباده ، بالتدبير ، وأصناف النعم. وأخص من هذا ، تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم ، وأرواحهم ، وأخلاقهم. ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل ، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.
(الله) هو المألوه المعبود ، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال.
(لملك) (المالك) الذي له الملك فهو الموصوف ، بصفة الملك ، وهي صفات العظمة والكبرياء ، والقهر والتدبير ، الذي له التصرف المطلق ، في الخلق ، والأمر ، والجزاء. وله جميع العالم ، العلوي والسفلي ، كلهم عبيد ومماليك ، ومضطرون إليه.
(الواحد الأحد) ، وهو الذي توحد بجميع الكمالات ، بحيث لا يشاركه فيها مشارك. ويجب على العبيد توحيده ، عقدا ، وقولا ، وعملا ، بأن يعترفوا بكماله المطلق ، وتفرده بالوحدانية ، ويفردوه بأنواع العبادة.
الصّمد وهو الذي تقصده الخلائق كلها ، في جميع حاجاتها ، وأحوالها وضروراتها ، لما له من الكمال المطلق ، وفي ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله.
(العليم الخبير) وهو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن ، والإسرار والإعلان ، وبالواجبات ، والمستحيلات ، والممكنات ، وبالعالم العلوي ، والسفلي ، وبالماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء.
الحكيم وهو الذي له الحكمة العليا ، في خلقه ، وأمره ، الذي أحسن كل شيء خلقه (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). فلا يخلق شيئا عبثا ، ولا يشرع شيئا سدى ، الذي له الحكم في الأولى والآخرة ، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك : فيحكم بين عباده ، في شرعه ، وفي قدره ، وجزائه.
والحكمة : وضع الأشياء مواضعها ، وتنزيلها منازلها.
(الرحمن الرحيم) و (البرّ الكريم) ، (الجواد) ، (الرؤوف) ، (الوهّاب) هذه الأسماء ، تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب ، بالرحمة ، والبر ، والجود ، والكرم ، وعلى