لكم جميع ما فيها ، وابتلاكم ، لينظر كيف تعملون. (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) في القوة والعافية ، والرزق ، والخلق والخلق. (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) فتفاوتت أعمالكم. (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) لمن عصاه وكذّب بآياته. (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن آمن به ، وعمل صالحا ، وتاب من الموبقات. آخر تفسير سورة الأنعام ، وبه تم الجزء الثاني من (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان) ، فلله الحمد والثناء. ويليه الجزء الثالث ، وأوله تفسير سورة الأعراف. وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. وكان الفراغ من كتابته ، في يوم الجمعة ، الموافق خمسة وعشرين من جمادى الآخرة سنة ١٣٤٥ ه. بقلم الفقير إلى ربه المنان علي الحسن العلي البريكان. وقد نسخته من نسخة المؤلف ، غفر الله له ، وأثابه على ذلك ، الثواب الجزيل. وجزاه الله عنّا ، وعن جميع المسلمين ، أفضل الجزاء ، في دار الجزاء. وأدخله الله ـ برحمته ـ فسيح الجنان ، ووقانا وإياه ، عذاب النيران ، بفضله وكرمه ، إنه قريب مجيب. وصلّى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ـ آمين ثمّ آمين. يا رب العالمين.
تفسير سورة الأعراف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[٢] يقول تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم ، مبينا له عظمة القرآن : (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أي : كتاب جليل ، حوى كل ما يحتاج إليه العباد ، وجميع المطالب الإلهية ، والمقاصد الشرعية ، محكما مفصلا. (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي : ضيق وشك واشتباه. بل لتعلم أنه تنزيل من حكيم حميد ، وأنه أصدق الكلام ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فلينشرح له صدرك ، ولتطمئن به نفسك ، ولتصدع بأوامره ونواهيه ، ولا تخش لائما ومعارضا. (لِتُنْذِرَ بِهِ) الخلق ، وتعظهم ، وتذكرهم ، فتقوم الحجة على المعاندين. (وَ) ليكن (ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) كما قال تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥) يتذكرون به الصراط المستقيم ، وأعماله الظاهرة والباطنة ، وما يحول بين العبد ، وبين سلوكه.
[٣] ثمّ خاطب الله العباد ، ولفتهم إلى الكتاب فقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أي : الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم ، وهو : (مِنْ رَبِّكُمْ) الذي يريد أن يتم تربيته لكم ، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي إن اتبعتموه ، كملت تربيتكم ، وتمت عليكم النعمة ، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ، ومعاليها. (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي : تتولونهم ، وتتبعون أهواءهم ، وتتركون لأجلها الحقّ. (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة ، لما