سبيل الله ، تضاعف إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة. (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) أي : لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئا.
[٦١ ـ ٦٣] يقول تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا) أي : الكفار المحاربون ، أي : مالوا (لِلسَّلْمِ) أي : الصلح وترك القتال. (فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي : أجبهم إلى ما طلبوا ، متوكلا على ربك ، فإن في ذلك فوائد كثيرة. منها : أن طلب العافية مطلوب كل وقت ، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك ، كان أولى لإجابتهم. ومنها : أن في ذلك استجماما لقواكم ، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر ، إن احتيج إلى ذلك. ومنها : أنكم إذا أصلحتم وأمن بعضكم بعضا ، وتمكن كل من معرفة ما عليه الآخر ، فإن الإسلام يعلو ، ولا يعلى عليه. فكل من له عقل وبصيرة ، إذا كان معه إنصاف ، فلا بد أن يؤثره على غيره من الأديان ، لحسنه في أوامره ونواهيه ، وحسنه في معاملته للخلق ، والعدل فيهم ، وأنه لا جور فيه ولا ظلم بوجه ، فحينئذ يكثر الراغبون فيه ، والمتبعون له. فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين ، ولا يخاف من السلم إلا خصلة واحدة ، وهي أن يكون الكفار قصدهم بذلك خدع المسلمين ، وانتهاز الفرصة فيهم. فأخبرهم الله ، أنه حسبهم وكافيهم خداعهم ، وأن ذلك يعود عليهم ضرره فقال : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ) أي : كافيك ما يؤذيك ، وهو القائم بمصالحك ومهماتك ، فقد سبق لك من كفايته لك ونصره ، ما يطمئن به قلبك. وإنه (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) أي : أعانك بمعونة سماوية وهو : النصر منه الذي لا يقاومه شيء ، ومعونة بالمؤمنين بأن قيضهم لنصرك. (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) فاجتمعوا وائتلفوا ، وازدادت قوتهم ، بسبب اجتماعهم ، ولم يكن هذا بسعي أحد ، ولا بقوة ، غير قوة الله. وإنك (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) من ذهب ، وفضة وغيرهما ، لتأليفهم بعد تلك النفرة ، والفرقة الشديدة (ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) لأنه لا يقدر على تقليب القلوب إلا الله تعالى. (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ومن عزته أن ألف بين قلوبهم ، وجمعها بعد الفرقة كما قال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها).
[٦٤] ثمّ قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ) أي : كافيك (وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي : وكافي أتباعك من المؤمنين ، وهذا وعد من الله ، لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله ، بالكفاية ، والنصرة على الأعداء. فإذا أتوا بالسبب الذي هو الإيمان والاتباع ، فلا بد أن يكفيهم ما أهمهم من أمور الدين والدنيا ، وإنّما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها.
[٦٥ ـ ٦٦] يقول تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) أي : حثّهم واستنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم ، وينشط هممهم ، من الترغيب في الجهاد ، ومقارعة الأعداء ، والترهيب من ضد ذلك ، وذكر فضائل الشجاعة والصبر ، وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة ، وذكر مضار الجبن ، وأنه من الأخلاق الرذيلة ، المنقصة للدين والمروءة ، وأن الشجاعة بالمؤمنين ، أولى من غيرهم (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما