من العالمين. (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) من أضيافي ، وهذا كما عرض سليمان صلىاللهعليهوسلم على المرأتين أن يشق الولد المختصم فيه ، لاستخراج الحق ، ولعلمه أن بناته ممتنع منالهن ، ولا حق لهم فيهن ، والمقصود الأعظم ، دفع هذه الفاحشة الكبرى. (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) أي : إما أن تراعوا تقوى الله ، وإما أن تراعوني في ضيفي ، ولا تخزوني عندهم. (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) فينهاكم ، ويزجركم ، وهذا دليل على مروجهم وانحلالهم ، من الخير والمروءة.
[٧٩ ـ ٨٠] (قالُوا) له : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) أي : لا نريد إلا الرجال ، ولا لنا رغبة في النساء. فاشتد قلق لوط عليه الصلاة والسلام ، و (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (٨٠) كقبيلة مانعة لمنعتكم. وهذا بحسب الأسباب المحسوسة ، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله ، الذي لا يقوم لقوته أحد ، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه ، واشتد الكرب.
[٨١ ـ ٨٣] (قالُوا) له : (يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) أي : أخبروه بحالهم ، ليطمئن قلبه ، (لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) بسوء. ثم قال جبريل بجناحه ، فطمس أعينهم ، فانطلقوا يتوعدون لوطا بمجيء الصبح ، وأمر الملائكة لوطا ، أن يسري بأهله (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) أي : بجانب منه قبل الفجر بكثير ، ليتمكنوا من البعد عن قريتهم. (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) أي : بادروا بالخروج ، وليكن همكم النجاة ، ولا تلتفتوا إلى ما وراءكم. (إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها) من العذاب (ما أَصابَهُمْ) لأنها تشارك قومها في الإثم ، فتدلهم على أضياف لوط ، إذا نزل به أضياف. (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) فكأن لوطا استعجل ذلك ، فقيل له : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ). (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) بنزول العذاب ، وإحلاله فيهم (جَعَلْنا) ديارهم (عالِيَها سافِلَها) أي : قلبناها عليهم (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) أي : من حجارة النار الشديدة الحرارة (مَنْضُودٍ) أي متتابعة ، تتبع من شذ عن القرية. (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ) أي : معلمة ، عليها علامة العذاب والغضب ، (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ) الذين يشابهون لفعل قوم لوط (بِبَعِيدٍ) ، فليحذر العباد أن يفعلوا كفعلهم لئلا يصيبهم ما أصابهم.
[٨٤] أي : (وَ) أرسلنا (إِلى مَدْيَنَ) القبيلة المعروفة الذين يسكنون مدين ، في أدنى فلسطين ، (أَخاهُمْ) في النسب (شُعَيْباً) لأنهم يعرفونه ، ويتمكنون من الأخذ عنه. (قالَ) لهم : (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أي : أخلصوا له العبادة ، فإنهم كانوا يشركون. وكانوا ـ مع شركهم ـ يبخسون المكيال والميزان ، ولهذا نهاهم عن ذلك فقال : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) بل أوفوا الكيل والميزان بالقسط. (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) أي : بنعمة كثيرة ، وصحة ، وكثرة أموال وبنين ، فاشكروا الله على ما أعطاكم ، ولا تكفروا بنعمة الله ، فيزيلها عنكم. (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) أي : عذابا يحيط بكم ، ولا يبقي منكم باقية.
[٨٥] (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) أي : بالعدل الذي ترضون أن تعطوه ، (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي : لا تنقصوا من أشياء الناس ، فتسرقوها بأخذها ، بنقص المكيال والميزان. (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ