يُؤْمِنُونَ) بعد ما قامت عليهم الآيات ، (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي : حالتكم التي أنتم عليها (إِنَّا عامِلُونَ) على ما كنا عليه (وَانْتَظِرُوا) ما يحل بنا (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) ما يحل بكم. وقد فصل الله بين الفريقين ، وأرى عباده نصره لعباده المؤمنين ، وقمعه لأعداء الله المكذبين.
[١٢٣] (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : ما غاب فيهما من الخفايا ، والأمور الغيبية. (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) من الأعمال والعمال ، فيميز الخبيث من الطيب. (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) أي : قم بعبادته ، وهي جميع ما أمر الله به مما تقدر عليه ، وتوكل على الله في ذلك. (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) من الخير والشر ، بل قد أحاط علمه بذلك ، وجرى به قلمه ، وسيجري عليه حكمه ، وجزاؤه. تم تفسير سورة هود والحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على محمد وسلم وكان الفراغ من نسخه في يوم السبت ١٢ من شهر ربيع الآخر سنة ١٤١٣.
سورة يوسف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] يخبر تعالى أن آيات القرآن هي (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) أي : البين الواضحة ألفاظه ، ومعانيه.
[٢] ومن بيانه وإيضاحه : أنه أنزله باللسان العربي ، أشرف الألسنة ، وأبينها. المبين ، لكل ما يحتاجه الناس ، من الحقائق النافعة ، وكل هذا الإيضاح والتبيين (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي : لتعقلوا حدوده ، وأصوله ، وفروعه ، وأوامره ، ونواهيه. فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم ، واتصفت قلوبكم بمعرفتها ، أثمر ذلك ، عمل الجوارح ، والانقياد إليه ، و (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي : تزداد عقولكم ، بتكرر المعاني الشريفة العالية ، على أذهانكم ، فتنتقلون من حال إلى أحوال ، أعلى منها وأكمل.
[٣] (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) وذلك لصدقه ، وسلاسة عبارته ، ورونق معانيه ، (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي : بما اشتمل عليه هذا القرآن ، الذي أوحيناه إليك ، وفضلناك به على سائر الأنبياء ، وذاك محض منّة ، من الله وإحسان. (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) أي : ما كنت تدري ، ما الكتاب ، ولا الإيمان ، قبل أن يوحي الله إليك ، ولكن جعلناه نورا ، نهدي به من نشاء ، من عبادنا. ولما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن ، من القصص ، وأنه أحسن القصص على الإطلاق ، فلا يوجد من القصص ، في شيء من الكتب ، مثل هذا القرآن ، ذكر قصة يوسف ، وأبيه ، وإخوته ، القصة العجيبة الحسنة ، فقال : (إِذْ قالَ يُوسُفُ) إلى (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله ، أحسن القصص في هذا الكتاب. ثم ذكر هذه القصة ، وبسطها ، وذكر ما جرى فيها ، فعلم بذلك ، أنها قصة تامة ، كاملة حسنة. فمن أراد أن يكملها أو يحسنها ، بما يذكر في الإسرائيليات ، التي