لا يعرف له سند ولا ناقل ، وأغلبها كذب ، فهو مستدرك على الله ، ومكمل لشيء ، بزعم أنه ناقص. وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحا ، فإن تضاعيف هذه السورة ، قد ملئت في كثير من التفاسير ، من الأكاذيب ، والأمور الشنيعة المناقضة ، لما قصه الله تعالى بشيء كثير. فعلى العبد أن يفهم عن الله ، ما قصه ، ويدع ، ما سوى ذلك ، مما ليس عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ينقل.
[٤ ـ ٥] فقوله تعالى : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ) يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ، عليهم الصلاة والسلام : (يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ). فكانت هذه الرؤيا ، مقدمة لما وصل إليه يوسف عليهالسلام ، من الارتفاع في الدنيا والآخرة. وهكذا إذا أراد الله أمرا من الأصول العظام ، قدم بين يديه مقدمة ، توطئة له ، وتسهيلا لأمره ، واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق ، ولطفا بعبده ، وإحسانا إليه ، فأوّلها يعقوب ، بأن الشمس : أمه ، والقمر أبوه ، والكواكب ، إخوته ، وأنه ستنتقل به الأحوال إلى أن يصير إلى حال يخضعون له ، ويسجدون له ، إكراما وإعظاما ، وأن ذلك لا يكون ، إلا بأسباب تتقدمه من اجتباء الله له ، واصطفائه إياه ، وإتمام نعمته عليه ، بالعلم والعمل ، والتمكين في الأرض.
[٦] وأن هذه النعمة ستشمل آل يعقوب ، الذين سجدوا له ، وصاروا تبعا له فيها ، ولهذا قال : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي : يصطفيك ويختارك بما منّ به عليك من الأوصاف الجليلة ، والمناقب الجميلة ، (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أي : من تعبير الرؤيا ، وبيان من تؤول إليه الأحاديث الصادقة ، كالكتب السماوية ونحوها ، (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) في الدنيا والآخرة ، بأن يؤتيك في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) حيث أنعم الله عليهما ، بنعم عظيمة واسعة ، دينية ، ودنيوية. (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي : علمه محيط بالأشياء ، وبما احتوت عليه ، ضمائر العباد ، من البر وغيره ، فيعطي كلا ، ما تقتضيه حكمته وحمده ، فإنه حكيم ، يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها. ولما تم تعبيرها ليوسف ، قال له أبوه : (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) أي : حسدا من عند أنفسهم ، بأن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم. (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) لا يفتر عنه ، ليلا ولا نهارا ، ولا سرا ، ولا جهارا ، فالبعد عن الأسباب ، التي يتسلط بها على العبد ، أولى ، فامتثل يوسف أمر أبيه ، ولم يخبر إخوته بذلك ، بل كتمها عنهم.
[٧] يقول تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ) أي : عبر وأدلة ، على كثير من المطالب الحسنة. (لِلسَّائِلِينَ) أي : لكل من سأل عنها ، بلسان الحال ، أو بلسان المقال. فإن السائلين ، هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر ، وأما المعرضون ، فلا ينتفعون بالآيات ، ولا بالقصص ، والبينات.
[٨] (إِذْ قالُوا) فيما بينهم : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) بنيامين ، أي : شقيقه ، وإلا ، فكلهم إخوة ، (أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي : جماعة ، فكيف يفضلهما بالمحبة والشفقة ، (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : لفي خطأ بيّن ، حيث فضلهما علينا ، من غير موجب نراه ، ولا أمر نشاهده.
[٩] (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) أي : غيبوه عن أبيه ، في أرض بعيدة ، لا يتمكن من رؤيته فيها. فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) ، أي : يتفرغ لكم ، ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة ، فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف ، شغلا ، لا يتفرغ لكم ، (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ) أي : من بعد هذا الصنيع (قَوْماً صالِحِينَ) أي : تتوبون إلى الله ، وتستغفرونه من بعد ذنبكم. فقدموا العزم على التوبة ، قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله ، وإزالة لشناعته ، وتنشيطا من بعضهم لبعض.
[١٠] أي : (قالَ قائِلٌ) من إخوة يوسف ، الذين أرادوا قتله ، أو تبعيده : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) فإن قتله أعظم إثما ، وأشنع ، والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه ، من غير قتل ، ولكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه (فِي غَيابَتِ