الرسول صلىاللهعليهوسلم هو الذي يأتي بالآيات ـ أمره الله أن ينزهه فقال : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي) عما تقولون علوا كبيرا ، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهوائهم الفاسدة ، وآرائهم الضالة. (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) ليس بيده شيء من الأمر.
[٩٤ ـ ٩٦] وهذا السبب ، الذي منع أكثر الناس من الإيمان ، حيث كانت الرسل التي ترسل إليهم من جنسهم بشرا. وهذا من رحمته بهم ، أن أرسل إليهم بشرا منهم ، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة. (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) يثبتون على رؤية الملائكة ، والتلقي عنهم (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) ليمكنهم التلقي عنه. (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (٩٦) ، فمن شهادته لرسوله ما أيده به من المعجزات ، وما أنزل عليه من الآيات ، ونصره على من عاداه وناوأه. فلو تقوّل عليه بعض الأقاويل ، لأخذ منه باليمين ، ثم لقطع منه الوتين. فإنه خبير بصير ، لا تخفى عليه من أحوال العباد خافية.
[٩٧ ـ ٩٨] يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية والإضلال. فمن يهده ، فييسره لليسرى ويجنبه العسرى ، فهو المهتدي على الحقيقة. ومن يضلله ، فيخذله ، ويكله إلى نفسه ، فلا هادي له من دون الله. وليس له ولي ينصره من عذاب الله ، حين يحشرهم الله على وجوههم خزيا ، عميا ، وبكما ، لا يبصرون ، ولا ينطقون. (مَأْواهُمْ) أي : مقرهم ودارهم (جَهَنَّمُ) التي جمعت كل هم ، وغم ، وعذاب. (كُلَّما خَبَتْ) أي : تهيأت للانطفاء (زِدْناهُمْ سَعِيراً) أي : سعرناها بهم لا يفتّر عنهم العذاب ولا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ، ولم يظلمهم الله تعالى ، بل جازاهم بما كفروا بآياته وأنكروا البعث الذي أخبرت به الرسل ونطقت به الكتب وعجزوا ربهم فأنكروا تمام قدرته. (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٤٩) أي : لا يكون هذا لأنه في غاية البعد عن عقولهم الفاسدة.
[٩٩] (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وهي أكبر من خلق الناس. (قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) بلى ، إنه على ذلك قدير. (وَ) لكنه قد (جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ) ولا شك ، وإلا فلو شاء لجاءهم به بغتة ، ومع إقامته الحجج والأدلة على البعث. (فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً) ظلما منهم وافتراء.
[١٠٠] (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) التي لا تنفد ولا تبيد. (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) أي : خشية أن ينفد ما تنفقون منه ، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله ، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل.
[١٠١] أي : لست أيها الرسول المؤيد بالآيات ، أول رسول كذبه الناس. فلقد أرسلنا قبلك ، موسى بن عمران الكليم ، إلى فرعون وقومه ، وآتيناه (تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) كل واحدة منها ، تكفي لمن قصده اتباع الحق كالحية ، والعصا ، والطوفان والجراد ، والقمل والضفادع ، والدم ، واليد ، وفلق البحر. فإن شككت في شيء من ذلك (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ) مع هذه الآيات (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً).
[١٠٢] (قالَ) له موسى (لَقَدْ عَلِمْتَ) يا فرعون (ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) الآيات (إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ)