مملوكون لله ، ليس لأحد من الملك شيء. (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) أي : لا يتولى أحدا من خلقه ، ليتعزز به ويعاونه. فإنه الغني الحميد ، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات ، في الأرض ولا في السموات ، ولكنه يتخذ ـ إحسانا منه إليهم ورحمة بهم (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أي : عظمه وأجله بالإخبار بأوصافه العظيمة ، وبالثناء عليه ، بأسمائه الحسنى ، وبتحميده بأفعاله المقدسة ، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده ، لا شريك له ، وإخلاص الدين كله له. تم تفسير سورة الإسراء.
سورة الكهف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] الحمد هو الثناء عليه بصفاته ، التي هي كلها صفات كمال ، وبنعمه الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، وأجل نعمه على الإطلاق ، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله ، محمد صلىاللهعليهوسلم. فحمد نفسه ، وفي ضمنه ، إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم ، وإنزال الكتاب عليهم ، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين ، على أنه الكامل من جميع الوجوه ، وهما نفي العوج عنه ، وإثبات أنه مقيم مستقيم ، فنفي العوج ، يقتضي أنه ليس في أخباره كذب ، ولا في أوامره ونواهيه ، ظلم ولا عبث. وإثبات الاستقامة ، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجلّ الإخبارات وهي الأخبار ، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا ، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله ، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة ، وأن أوامره ونواهيه ، تزكي النفوس ، وتطهرها وتنميها وتكملها ، لاشتمالها على كمال العدل والقسط ، والإخلاص ، والعبودية لله رب العالمين ، وحده لا شريك له. وحقيق بكتاب موصوف بما ذكر ، أن يحمد الله نفسه على إنزاله ، وأن يتمدح إلى عباده به.
[٢] وقوله : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) أي : لينذر بهذا القرآن الكريم ، عقابه الذي عنده ، أي : قدره وقضاءه ، على من خالف أمره ، وهذا يشمل عقاب الدنيا ، وعقاب الآخرة ، وهذا أيضا ، من نعمه أن خوف عباده ، وأنذرهم ، ما يضرهم ويهلكهم. كما قال تعالى ـ لما ذكر في هذا القرآن وصف النار ، قال : (ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ). فمن رحمته بعباده ، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره ، وبينها لهم ، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها. (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) أي : وأنزل الله على عبده الكتاب ، ليبشر المؤمنين به ، وبرسله ، وكتبه ، الّذين كمل إيمانهم ، فأوجب لهم عمل الصالحات ، وهي : الأعمال الصالحة ، من واجب ، ومستحب ، التي جمعت الإخلاص والمتابعة. (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) وهو : الثواب الذي رتّبه الله على الإيمان والعمل الصالح ، وأعظمه وأجله ، الفوز برضا الله ودخول الجنة ، التي فيها ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. وفي وصفه بالحسن ، دلالة على أنه لا مكدر فيه ، ولا منغص ، بوجه من الوجوه ، إذ لو وجد فيه شيء من ذلك ، لم يكن حسنه تاما.