نزيده من أنواع العقوبات ، كما ازداد من الغي والضلال.
[٨٠] (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) أي : نرثه ماله وولده ، فينتقل من الدنيا فردا ، بلا مال ولا أهل ولا أنصار ، ولا أعوان (وَيَأْتِينا فَرْداً) فيرى من وخيم العقاب ، ما هو جزاء أمثاله من الظالمين.
[٨١ ـ ٨٣] وهذا من عقوبة الكافرين أنهم ـ لما لم يعتصموا بالله ، ولم يتمسكوا بحبل الله ، بل أشركوا به ووالوا أعداءه ، من الشياطين ـ سلطهم عليهم ، وقيضهم ، فجعلت الشياطين ، تؤزهم إلى المعاصي أزا ، وتزعجهم إلى الكفر إزعاجا ، فيوسوسون لهم ، ويوحون إليهم ، ويزينون لهم الباطل ، ويقبحون لهم الحق ، فيدخل حب الباطل في قلوبهم ، ويتشربها فيسعى فيه سعي المحق في حقه فينصره بجده ، ويجاهد أهل الحق في سبيل الباطل. وهذا كله ، جزاء له على توليه من وليه وتوليه لعدوه جعل له عليه سلطانه. وإلا فلو آمن بالله ، وتوكل عليه ، لم يكن له عليه سلطان كما قال تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠).
[٨٤] (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) أي : على هؤلاء الكفار المستعجلين بالعذاب (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) أي : أن لهم أياما معدودة لا يتقدمون عنها ولا يتأخرون ، نمهلهم ونحلم عنهم مدة ليراجعوا أمر الله ، فإذا لم ينجع فيهم ذلك أخذناهم أخذ عزيز مقتدر.
[٨٥] يخبر تعالى عن تفاوت الفريقين ، المتقين ، والمجرمين ، وأن المتقين له ـ باتقاء الشرك والبدع والمعاصي ـ يحشرهم إلى موقف القيامة مكرمين ، مبجلين معظمين ، وأن مآلهم الرحمن ، وقصدهم المنان ، وفدا إليه ، والوافد ، لا بد أن يكون في قلبه ، من الرجاء ، وحسن الظن بالوافد إليه ، ما هو معلوم. فالمتقون ، يفدون إلى الرحمن ، راجين من رحمته ، وعميم إحسانه ، والفوز بعطاياه في دار رضوانه ، وذلك بسبب ما قدموه من العمل بتقواه ، واتباع مراضيه ، وأن الله عهد إليهم بذلك الثواب ، على ألسنة رسله فتوجهوا إلى ربهم مطمئنين به ، واثقين بفضله.
[٨٦] وأما المجرمون ، فإنهم يساقون إلى جهنم وردا ، أي : عطاشا ، وهذا أبشع ما يكون من الحالات سوقهم على وجه الذل والصغار ، إلى أعظم سجن وأفظع عقوبة ، وهو جهنم ، في حال ظمئهم ونصبهم ، يستغيثون ، فلا يغاثون ويدعون ، فلا يستجاب لهم ، ويستشفعون ، فلا يشفع لهم.
[٨٧] ولهذا قال : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ) أي : ليست الشفاعة ملكهم ، ولا لهم منها شيء ، وإنما هي لله تعالى (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً). وقد أخبر أنه لا تنفعهم شفاعة الشافعين ، لأنهم لم يتخذوا عنده عهدا بالإيمان به وبرسله ، وإلا ، فمن اتخذ عنده عهدا فآمن به وبرسله ، واتبعهم ، فإنه ممن ارتضاه الله ، وتحصل له الشفاعة كما قال تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) وسمى الله الإيمان به ، واتباع رسله ، عهدا ، لأنه عهد في كتبه ، وعلى ألسنة رسله ، بالجزاء الجميل ، لمن اتبعهم.
[٨٨] وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين ، الّذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا كقول النصارى (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) واليهود (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) والمشركين «الملائكة بنات الله» تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) (٨٩) أي : عظيما وخيما.
[٩٠] من عظيم أمره أنه (تَكادُ السَّماواتُ) على عظمتها وصلابتها (يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) أي : من هذا القول (وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) منه ، تتصدع وتنفطر (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) أي : تندك الجبال.
[٩١] (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (٩١) أي : من أجل هذه الدعوى القبيحة ، تكاد هذه المخلوقات ، أن يكون منها ما ذكر.
[٩٢] والحال أنه : (وَما يَنْبَغِي) أي : لا يليق ولا يكون (لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) وذلك لأن اتخاذه الولد ، يدل