يقابلون آيات الله بالقبول لها ، والتفهم لمعانيها ، والعمل بها ، والاجتهاد في تنفيذ أحكامها ، وأنهم يدعون الله تعالى ، بأكمل الدعاء في الدعاء ، الذي ينتفعون به وينتفع به من يتعلق بهم ، وينتفع به المسلمون ، من صلاح أزواجهم ، وذريتهم. ومن لوازم ذلك ، سعيهم في تعليمهم ، ووعظهم ، ونصحهم ، لأن من حرص على شيء ودعا الله فيه ، لا بد أن يكون متسببا فيه ، وأنهم دعوا الله ببلوغ أعلى الدرجات الممكنة لهم ، وهي : درجة الإمامة والصديقية. فلله ، ما أعلى هذه الصفات ، وأرفع هذه الهمم ، وأجل هذه المطالب ، وأزكى تلك النفوس ، وأطهر تلك القلوب ، وأصفى هؤلاء الصفوة وأتقى هؤلاء السادة!! ولله ، فضل الله عليهم ، ونعمته ، ورحمته ، التي جللتهم ولطفه الذي أوصلهم إلى هذه المنازل. ولله ، منّة الله على عباده ، أن بين لهم أوصافهم ، ونعت لهم هيئاتهم ، وبين لهم هممهم ، وأوضح لهم أجورهم ، ليشتاقوا إلى الاتصاف بأوصافهم ، ويبذلوا جهدهم في ذلك ، ويسألوا الذي منّ عليهم ، وأكرمهم ، الذي ، فضله في كل زمان ومكان ، وفي كل وقت وأوان ، أن يهديهم كما هداهم ، ويتولاهم بتربيته الخاصة ، كما تولاهم. فاللهم ، لك الحمد ، وإليك المشتكى ، وأنت المستعان ، وبك المستغاث ، ولا حول ولا قوة ، إلا بك ، لا نملك لأنفسنا ، نفعا ولا ضرا ، ولا نقدر على مثقال ذرة من الخير ، إن لم تيسر ذلك لنا ، فإنا ضعفاء ، عاجزون من كل وجه. نشهد أنك إن وكلتنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وكلتنا إلى ضعف ، وعجز وخطية ، فلا نثق ، يا ربنا ، إلا برحمتك التي بها خلقتنا ورزقتنا ، وأنعمت علينا ، بما أنعمت ، من النعم الظاهرة والباطنة ، وصرفت عنا من النقم ، فارحمنا رحمة ، تغنينا بها عن رحمة من سواك ، فلا خاب من سألك ورجاك.
[٧٧] ولما كان الله تعالى ، قد أضاف هؤلاء العباد ، إلى رحمته ، واختصهم بعبوديته ، لشرفهم وفضلهم ، ربما توهم متوهم ، أنه ، وأيضا غيرهم ، فلم لا يدخل في العبودية؟ فأخبر تعالى ، أنه لا يبالي ، ولا يعبأ بغير هؤلاء ، وأنه لولا دعاؤكم إياه ، دعاء العبادة ، ودعاء المسألة ، ما عبأ بكم ولا أحبكم فقال : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧) أي : عذابا يلزمكم ، لزوم الغريم لغريمه ، وسوف يحكم الله بينكم وبين عباده المؤمنين. تم تفسير سورة الفرقان ، فلله الحمد والثناء والشكر أبدا.
تفسير سورة الشعراء
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[٢] يشير الباري تعالى إشارة ، تدل على التعظيم لآيات الكتاب المبين البين الواضح ، الدال على جميع المطالب