لهم به ، الهداية إلى الصراط المستقيم ، والرحمة المتضمنة للسعادة ، والفوز والفلاح.
[٧٨] أي : إن الله تعالى سيفصل بين المختصمين ، وسيحكم بين المختلفين ، بحكمه العدل ، وقضائه القسط. فالأمور وإن حصل فيها اشتباه في الدنيا بين المختلفين ، لخفاء الدليل ، ولبعض المقاصد ، فإنه سيبين فيها الحق المطابق للواقع ، حين يحكم الله فيها. (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الذي قهر الخلائق ، فأذعنوا له. (الْعَلِيمُ) بجميع الأشياء (الْعَلِيمُ) بأقوال المختلفين ، وعن ما ذا صدت ، وعن غاياتها ، ومقاصدها ، وسيجازي كلا بما علمه فيه.
[٧٩] أي : اعتمد على ربك ، في جلب المصالح ، ودفع المضار ، وفي تبليغ الرسالة ، وإقامة الدين ، وجهاد الأعداء. (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) الواضح ، والذي على الحقّ ، يدعو إليه ، ويقوم بنصرته ، أحقّ من غيره بالتوكّل ، فإنه يسعى إلى أمر مجزوم به ، معلوم صدقه ، لا شكّ فيه ، ولا مرية. وأيضا ، فهو حقّ ، في غاية البيان ، لا خفاء به ، ولا اشتباه. وإذا قمت بما حملت ، وتوكلت على الله في ذلك ، فلا يضرك ضلال من ضل ، وليس عليك هداهم ، فلهذا قال :
[٨٠] (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) أي : حين تدعوهم وتناديهم ، وخصوصا (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) فإنه يكون أبلغ في عدم إسماعهم.
[٨١] (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) كما قال تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ). (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) أي : هؤلاء الّذين ينقادون لك ، هم الّذين يؤمنون بآيات الله ، وينقادون لها بأعمالهم ، واستسلامهم كما قال تعالى : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٣٦).
[٨٢] أي : إذا وقع على الناس ، القول الذي حتّمه الله ، وفرض وقته. (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً) خارجة (مِنَ الْأَرْضِ) أو دابة من دواب الأرض ، ليست من السماء. وهذه الدابة (تُكَلِّمُهُمْ) أي : تكلم العباد أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ، أي : لأجل أن الناس ، ضعف علمهم ويقينهم بآيات الله. فإظهار الله هذه الدابة ، من آيات الله العجيبة ، ليبين للناس ، ما كانوا فيه يمترون. وهذا الدابة ، هي الدابّة المشهورة ، الّتي تخرج في آخر الزمان ، وتكون من أشراط الساعة ، كما تكاثرت بذلك الأحاديث ، لم يذكر الله ورسوله ، كيفية هذه الدابة. وإنّما ذكر أثرها والمقصود منها وأنها من آيات الله ، تكلم الناس كلاما خارقا للعادة ، حين يقع القول على الناس ، وحين يمترون بآيات الله ، فتكون حجة وبرهانا للمؤمنين ، وحجة على المعاندين.
[٨٣] يخبر تعالى عن حالة المكذبين في موقف القيامة ، وأن الله يجمعهم ، ويحشر من كلّ أمة من الأمم فوجا وطائفة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) ، يجمع أولهم على آخرهم ، وآخرهم على أولهم ، ليعمهم السؤال والتوبيخ واللوم.
[٨٤] (حَتَّى إِذا جاؤُ) وحضروا ، قال لهم ، موبخا ومقرعا : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها) العلم ، أي : الواجب عليكم التوقف ، حتى ينكشف لكم الحقّ ، وأن لا تتكلموا إلا بعلم. فكيف كذبتم بأمر لم تحيطوا به علما؟ (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، أي : يسألهم عن علمهم ، وعن عملهم ، فيجد علمهم ، تكذيبا بالحق ، وعملهم لغير