[٩٣] (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الذي له الحمد في الأولى والآخرة ، ومن جميع الخلق. خصوصا أهل الاختصاص والصفوة من عباده ، فإن الذي وقع ، والذي ينبغي ، أن يقع منهم ، من الحمد والثناء على ربهم ، أعظم مما يقع من غيرهم لرفعة درجاتهم ، وكمال قربهم منه ، وكثرة خيراته عليهم. (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها) معرفة ، تدلكم على الحقّ والباطل. فلا بد أن يريكم من آياته ما تستنيرون به في الظلمات. (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ). (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) بل قد علم ما أنتم عليه من الأعمال والأحوال ، وعلم مقدار جزاء تلك الأعمال ، وسيحكم بينكم حكما ، تحمدونه عليه ، ولا يكون لكم حجة بوجه من الوجوه عليه.
تم تفسير سورة النمل بفضل الله وإعانته وتيسيره. ونسأله تعالى أن لا تزال ألطافه ومعونته ، مستمرة علينا ، واصلة منه إلينا ، فهو أكرم الأكرمين ، وخير الراحمين ، وموصل المنقطعين ، ومجيب السائلين. ميسر الأمور العسيرة ، وفاتح أبواب بركاته ، والمجزل في جميع الأوقات هباته. ميسر القرآن للمتذكرين ، ومسهل طرقه وأبوابه ، للمقبلين ، ويمد مائدة خيراته ومبراته للمتفكرين ، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. على يد جامعه وممليه ، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي ، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين ، وذلك في ٢٢ رمضان سنة ١٣٤٣ ه. وتم تحريره من خط مؤلفه ، في ٢٩ ذي الحجة سنة ١٣٤٦ ه.
تفسير سورة القصص
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٤] (تِلْكَ) الآيات المستحقة للتعظيم والتفخيم (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) لكل أمر يحتاج إليه العباد ، من معرفة ربهم ، ومعرفة حقوقه ، ومعرفة أوليائه وأعدائه ، ومعرفة وقائعه وأيامه ، ومعرفة ثواب الأعمال ، وجزاء العمال. فهذا القرآن قد بينها غاية التبيين ، وجلّاها للعباد ، ووضحها. ومن جملة ما أبان ، قصة موسى وفرعون ، فإنه أبداها ، وأعادها في عدة مواضع. وبسطها في هذا الموضع فقال : (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِ). فإن نبأهما غريب ، وخبرهما عجيب. (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فإليهم يساق الخطاب ، ويوجه الكلام. حيث إن معهم من الإيمان ، ما يقبلون به ، على تدبر ذلك ، وتلقّيه بالقبول والاهتداء ، بمواقع العبر ، ويزدادون به إيمانا ويقينا ، وخيرا إلى خيرهم. وأما من عداهم ، فلا يستفيدون منه ، إلا إقامة الحجة عليهم ، وصانه الله عنهم ، وجعل بينهم وبينه حجابا أن يفقهوه. فأول هذه القصة (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) في ملكه وسلطانه ، وجنوده ، وجبروته ، فصار من