رَبِّكَ) أي : تنزه وتعالى (رَبِّ الْعِزَّةِ) أي : الذي عز ، فقهر كل شيء ، واعتز عن كل سوء يصفونه به.
[١٨١] (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (١٨١) لسلامتهم من الذنوب والآفات ، وسلامة ما وصفوا به فاطر الأرض والسموات.
[١٨٢] (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٨٢) الألف واللام للاستغراق ، فجميع أنواع الحمد ، من الصفات الكاملة العظيمة ، والأفعال التي ربى بها العالمين ، وأدرّ عليهم فيها النّعم ، وصرف عنهم بها النقم ، ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم ، وفي جميع أحوالهم ، كلها لله تعالى. فهو المقدس عن النقص ، المحمود بكل كمال ، المحبوب المعظم. ورسله سالمون مسلم عليهم ، ومن اتبعهم في ذلك ، له السلامة في الدنيا والآخرة. وأعداؤه لهم الهلاك والعطب ، في الدنيا والآخرة. تم تفسير سورة الصافات.
تفسير سورة ص
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] هذا بيان من الله تعالى لحال القرآن ، وحال المكذبين به معه ، ومع من جاء به فقال : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (١) أي : ذي القدر العظيم ، والشرف ، المذكّر للعباد ، كل ما يحتاجون إليه من العلم ، بأسماء الله وأفعاله ، ومن العلم ، بأحكام الله الشرعية ، ومن العلم بأحكام المعاد والجزاء. فهو مذكّر لهم ، في أصول دينهم وفروعه. وهنا لا يحتاج إلى ذكر المقسم عليه ، فإن حقيقة الأمر ، أن المقسم به وعليه شيء واحد ، وهو : هذا القرآن ، الموصوف بهذا الوصف الجليل. فإذا كان القرآن بهذا الوصف ، علم أن ضرورة العباد إليه ، فوق كل ضرورة. وكان الواجب عليهم ، تلقّيه بالإيمان ، والتصديق ، والإقبال على استخراج ما يتذكر به منه.
[٢] فهدى الله من هدى لهذا ، وأبى الكافرون التصديق به ، وبمن أنزله ، وصار معهم (فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) عزة وامتناع عن الإيمان به ، واستكبار وشقاق له ، أي : مشاقة ومخاصمة في رده وإبطاله ، وفي القدح بمن جاء به.
[٣] فتوعدهم بإهلاك القرون الماضية ، المكذبة بالرسل ، وأنهم حين جاءهم الهلاك ، نادوا ، واستغاثوا في صرف العذاب عنهم. ولكن (لاتَ حِينَ مَناصٍ) أي : وليس الوقت ، وقت خلاص ، مما وقعوا فيه ، ولا فرج لما أصابهم. فليحذر هؤلاء أن يدوموا على عزتهم وشقاقهم ، فيصيبهم ما أصابهم.
[٤] (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أي : عجب هؤلاء المكذبون في أمر ليس محل عجب ، أن جاءهم منذر منهم ، ليتمكنوا من التلقي عنه ، وليعرفوه حق المعرفة. ولأنه من قومهم ، فلا تأخذهم النخوة القومية عن اتباعه. فهذا ، مما يوجب الشكر عليهم ، وتمام الانقياد له. ولكنهم عكسوا القضية ، فتعجبوا تعجب إنكار (وَقالَ الْكافِرُونَ) من كفرهم وظلمهم : (هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ). وذنبه ـ عندهم ـ أنه :
[٥] (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) أي : كيف ينهى عن اتخاذ الشركاء والأنداد ، ويأمر بإخلاص العبادة لله وحده. (إِنَّ هذا) الذي جاء به (لَشَيْءٌ عُجابٌ) أي : يقضي منه العجب ، لبطلانه وفساده عندهم.
[٦] (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ) المقبول قولهم ، محرضين قومهم على التمسك ، بما هم عليه من الشرك. (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) أي : استمروا عليها ، وجاهدوا نفوسكم في الصبر عليها ، وعلى عبادتها ، ولا يردكم عنها راد ، ولا يصدنكم عن عبادتها صاد. (إِنَّ هذا) الذي جاء به محمد ، من النهي عن عبادتها (لَشَيْءٌ يُرادُ) أي : يقصد ، له قصد ، ونية غير صالحة في ذلك ، وهذه شبهة لا تروج إلا على السفهاء. فإن من دعا إلى قول حق أو غير حق ، لا