ذرية آدم ، هذا ، وهو عدو الله حقا. ونحن يا ربنا العاجزون المقصرون ، المقرون لك بكل نعمة ، ذرية من شرفته وكرمته. فنستعين بعزتك العظيمة ، وقدرتك ، ورحمتك الواسعة لكل مخلوق ، ورحمتك الّتي أوصلت إلينا بها ، ما عنا صرفت من النقم ، أن تعيننا على محاربته وعداوته ، والسلامة من شره ، وشركه. ونحسن الظن بك أن تجيب دعاءنا ، ونؤمن بوعدك الذي قلت لنا : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فقد دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا. (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ).
[٨٤ ـ ٨٥] (قالَ) الله تعالى (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) أي : الحقّ وصفي ، والحقّ قولي (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٥) «من ذرية آدم».
[٨٦] (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي : على دعائي إياكم (مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) أدعي أمرا ، ليس لي ، وأقفو ما ليس لي به علم ، لا أتبع إلا ما يوحى إليّ.
[٨٧] (إِنْ هُوَ) أي : ما هذا الوحي والقرآن (إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) به كلّ ما ينفعهم ، من مصالح دنياهم ، فيكون شرفا ورفعة للعالمين به ، وإقامة حجة على المعاندين. فهذه السورة العظيمة ، مشتملة على الذكر الحكيم ، والنبأ العظيم ، وإقامة الحجج والبراهين ، على من كذّب بالقرآن وعارضه ، وكذّب من جاء به ، والإخبار عن عباد الله المخلصين ، وجزاء المتقين والطاغين. فلهذا أقسم في أولها بأنه ذو الذكر ، ووصفه في آخرها ، بأنه ذكر للعالمين. وأكثر التذكير بها ، فيما بين ذلك كقوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا) ـ (وَاذْكُرْ عِبادَنا) ـ (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى) ـ (هذا ذِكْرُ). اللهم علمنا منه ما جهلنا ، وذكرنا منه ما نسينا ، نسيان غفلة ، ونسيان ترك.
[٨٨] (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ) أي : خبره (بَعْدَ حِينٍ) وذلك حين يقع عليهم العذاب وتنقطع عنهم الأسباب. تم تفسير سورة ص.
تفسير سورة الزّمر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] يخبر تعالى عن عظمة القرآن ، وجلالة من تكلّم به ، ونزل منه. وأنه نزل من الله العزيز الحكيم. أي الذي وصفه الألوهية للخلق ، وذلك لعظمته وكماله والعزة الّتي قهر بها كلّ مخلوق ، وذل له كلّ شيء ، والحكمة في خلقه وأمره. فالقرآن نازل ممن هذا وصفه ، والكلام وصف للمتكلم ، والوصف يتبع الموصوف. فكما أن الله تعالى هو الكامل من كلّ وجه ، الذي لا مثيل له ، فكذلك كلامه كامل من كلّ وجه ، لا مثيل له ، فهذا وحده ، كاف في وصف القرآن ، دال على مرتبته. ولكنه ـ مع هذا ـ زاد بيانا ، لكماله ، بمن نزل عليه ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، الذي هو أشرف الخلق فعلم أنه أشرف الكتب ، وبما نزل به ، وهو الحقّ. فنزل بالحق ، الذي لا مرية فيه ، لإخراج الخلق من