الآية ، وأن قوله : (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) أي : ذنوبهم الصغار ، بسبب إحسانهم وتقواهم. (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أي : بحسناتهم كلها. (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (٤٠).
[٣٦ ـ ٣٧] (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) أي : أليس من كرمه وجوده ، وعنايته بعبده الذي قام بعبوديته ، وامتثل أمره ، واجتنب ما نهي عنه ، خصوصا ، أكمل الخلق عبودية لربه ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله تعالى ، سيكفيه في أمر دينه ودنياه ، ويدفع عنه من ناوأه بسوء. (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) من الأصنام والأنداد ، أن تنالك بسوء ، وهذا من غيهم وضلالهم. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) لأنه تعالى ، الذي بيده الهداية والإضلال ، وهو الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن. (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ) له العزة الكاملة ، الّتي قهر بها كل شيء ، وبعزته يكفي عبده ، ويدفع عنه مكرهم. (ذِي انْتِقامٍ) ممن عصاه ، فاحذروا موجبات نقمته.
[٣٨] أي ولئن سألت هؤلاء الضلال ، الّذين يخوفونك بالذين من دونه ، وأقمت عليهم دليلا من أنفسهم ، فقلت : (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) لم يثبتوا لآلهتهم من خلقها شيئا. (لَيَقُولُنَّ اللهُ) وحده ، الذي خلقها. (قُلْ) لهم مقررا عجز آلهتهم ، بعد ما تبينت قدرة الله : (أَفَرَأَيْتُمْ) أي : أخبروني (ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ) أيّ ضرّ كان. (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) بإزالته بالكلية ، أو بتخفيفه من حال إلى حال؟ (أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) يوصل إليّ بها منفعة في ديني أو دنياي. (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) ومانعاتها عني؟ سيقولون : لا يكشفون الضر ، ولا يمسكون الرحمة. قل لهم بعد ما تبين الدليل القاطع ، على أنه وحده المعبود ، وأنه الخالق للمخلوقات ، النافع الضار وحده ، وأن غيره عاجز من كلّ وجه عن الخلق ، والضر ، مستجلبا كفايته ، مستدفعا مكرهم وكيدهم : (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي : عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ، ودفع مضارهم. فالذي بيده ـ وحده الكفاية ، هو حسبي ، سيكفيني كلّ ما أهمني ، وما لا أهتم به.
[٣٩ ـ ٤٠] أي : (قُلْ) لهم يا أيها الرسول : (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي : على حالتكم الّتي رضيتموها لأنفسكم ، من عبادة من لا يستحق العبادة ، ولا له من الأمر شيء. (إِنِّي عامِلٌ) على ما دعوتكم إليه ، من إخلاص الدين لله تعالى وحده. (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) لمن العاقبة و (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) في الدنيا. (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) في الأخرى (عَذابٌ مُقِيمٌ) لا يحول عنه ، ولا يزول. وهذا تهديد عظيم لهم ، وهم يعلمون أنهم المستحقون للعذاب المقيم ، ولكن الظلم والعناد حال بينهم وبين الإيمان.
[٤١] يخبر تعالى أنه أنزل على رسوله الكتاب المشتمل على الحقّ ، في أخباره ، وأوامره ، ونواهيه ، الذي هو مادة الهداية ، وبلاغ لمن أراد الوصول إلى الله ، وإلى دار كرامته ، وأنه قامت به الحجة على العالمين. (فَمَنِ اهْتَدى)