أب ، قادر على بعث الموتى من قبورهم. أو ، وإن عيسى عليهالسلام ، سينزل في آخر الزمان ، ويكون نزوله ، علامة من علامات الساعة. (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) أي : لا تشكنّ في قيام الساعة ، فإن الشك فيها كفر. (وَاتَّبِعُونِ) بامتثال ما أمرتكم ، واجتناب ما نهيتكم. (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) موصل إلى الله عزوجل.
[٦٢] (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) عمّا أمركم الله به (إِنَّهُ) أي : الشيطان (لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) حريص على إغوائكم ، باذل جهده في ذلك.
[٦٣] (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) الدالة على صدق نبوته وصحة ما جاءهم به ، من إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه ، والأبرص ، ونحو ذلك من الآيات. (قالَ) لبني إسرائيل : (قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) النبوة والعلم ، بما ينبغي على الوجه الذي ينبغي. (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) أي : أبين لكم صوابه وجوابه ، فيزول عنكم بذلك اللبس. فجاء عليهالسلام مكملا ، ومتمما لشريعة موسى عليهالسلام ، ولأحكام التوراة. وأتى ببعض التسهيلات ، الموجبة للانقياد له ، وقبول ما جاءهم به. (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) أي : اعبدوا الله وحده لا شريك له ، وامتثلوا أمره ، واجتنبوا نهيه ، وآمنوا بي ، وصدقوني ، وأطيعوني.
[٦٤] (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦٤) ففيه الإقرار بتوحيد الربوبية ، بأن الله هو المربي جميع خلقه بأنواع النّعم الظاهرة والباطنة والإقرار بتوحيد العبودية ، بالأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، وإخبار عيسى عليهالسلام ، أنه عبد من عباد الله ، ليس كما قال النصارى فيه : «إنه ابن الله ، أو ثالث ثلاثة» والإخبار بأن هذا المذكور ، صراط مستقيم ، موصل إلى الله وإلى جنته.
[٦٥] فلما جاءهم عيسى عليهالسلام بهذا اختلف (الْأَحْزابُ) المتحزبون على التكذيب (مِنْ بَيْنِهِمْ) كلّ قال بعيسى عليهالسلام ، مقالة باطلة ، ورد ما جاء به ، إلّا من هدى الله من المؤمنين ، الّذين شهدوا له بالرسالة ، وصدقوا بكل ما جاء به ، وقالوا : إنه عبد الله ورسوله. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : ما أشد حزن الظالمين (مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) ومن أعظم خسارهم ، في ذلك اليوم!!
[٦٦] يقول تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي : هل ينتظر المكذبون ، وهل يتوقعون (إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي : فإذا جاءت ، فلا تسألوا عن أحوال من كذّب بها ، واستهزأ بمن جاء بها.
[٦٧] وإن (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ) أي : يوم القيامة ، المتخالين على الكفر والتكذيب ، ومعصية الله (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا ، لغير الله ، فانقلبت يوم القيامة عداوة. (إِلَّا الْمُتَّقِينَ) للشرك والمعاصي ، فإن محبتهم تدوم وتتصل ، بدوام من كانت المحبة لأجله.
[٦٨] ذكر ثواب المتقين ، وأن الله تعالى يناديهم يوم القيامة بما يسر قلوبهم ، ويذهب عنهم كل آفة وشر ، فيقول : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٦٨) أي : لا خوف يلحقكم فيما تستقبلونه من الأمور ، ولا حزن يصيبكم فيما مضى منها. وإذا انتفى المكروه من كل وجه ، ثبت المحبوب المطلوب.
[٦٩] (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) أي : وصفهم الإيمان بآيات الله ، وذلك شامل للتصديق بها ، وما لا يتم التصديق إلا به ، من العلم بمعناها والعمل