المسألة الثالثة والثلاثون
قال رحمهالله : (إذا شكّ في الركوع وهو قائم ، وجب عليه الإتيان به ، فلو نسى حتّى دخل في السجود ، فهل يجري عليه حكم الشك ...).
أقول : لا ينبغي الإشكال في أنّ ظواهر الأخبار الدالّة على عدم الاعتناء بالشكّ في الشيء بعد التجاوز عنه ، إناطة الحكم بحدوث الشكّ في الشيء بعد التجاوز عن محلّه ، وإرادة الأعمّ منه وممّا كان حدوثه قبل التجاوز ، ولكن صار من حيث البقاء بعد التجاوز ؛ أي استمرّ ذلك الشكّ الحادث قبل التجاوز إلى ما بعد التجاوز ، خلاف ظاهر تلك الأخبار ، ولو لا ذلك لما بقى مورد لقاعدة الشكّ في المحلّ ، الذي ورد التصريح بها في بعض تلك الأخبار ، وهي الظاهر المفهومي في جلّها.
والفرق بين الشكّ الصادق من حيث البقاء للدخول في الغير ، بترك مقتضى القاعدة متعمّدا ، وبين الشكّ المصادف له بترك الوظيفة نسيانا ؛ بإلحاق الثاني بموارد حدوث الشكّ بعد الدخول في الغير دون الأوّل ، ممّا لا سبيل إليه ، ولا يساعده المتفاهم العرفي في تلك الأخبار ، فكلّما شكّ فيه قبل الدخول في الغير ، فهو محكوم ظاهرا بوجوب تداركه ، فلو نسيه فلا يوجب نسيانه تبدّل ذلك الحكم الظاهري إلى حكم ظاهري مرخّص ، بل لا بدّ له ما لم يتحقّق منه الرّكن في الأفعال المترتّبة على المشكوك ، في أن يعود ويتدارك ما يشكّ فيه ، ثمّ يأتي ما يترتّب عليه ويكون ما أتى به في حال النسيان الوظيفة ، زيادات سهويّة موجبة لسجدتي السهو.