لا يطاق القبيح على الحكيم.
والقائل بصحته يجوّز ذلك بدعوى حكم العقل والوجدان بعدم قبح توجيه الحكمين على هذا المنوال مع أن للمكلف مندوحة عن المخالفة والعصيان ، إذ له امتثال الأمر الأهم وعدم البناء على عصيانه لئلا يتوجه إليه أمر آخر وعقاب على مخالفته.
ومن هذا القبيل الأمر المطلق بإزالة النجاسة عن المسجد والأمر المشروط بالصلاة المضادة لها ، فيأمر الشارع بكلا الفعلين مع جعله الأمر الثاني مشروطا بعصيان الأمر الأول ، والترتب هنا بين حكمين وجوبيين في موضوعين متضادين.
والثمرة بين القول بالترتب وعدمه تظهر في صورة امتثال أمر المهم وترك الأهم وصورة ترك امتثالهما معا كما إذا فرضنا أنه في المثال السابق أنقذ الأخ وترك إنقاذ الولد أو ترك الفعلين معا فعلى القول ببطلان الترتب كان الثابت عقابا واحدا على التقديرين إذ ليس هنا إلّا وجوب واحد خالفه المكلف ، وعلى الصحة يستحق في الفرض الأول ثواب إنقاذ الأخ وعقاب ترك الولد وفي المثال الثاني يستحق عقابين لمخالفة التكليفين.
الثاني : تصويره في التزاحم بين حكمي المقدمة فيما إذا صار الحرام مقدمة لواجب أهم ، كما إذا كان الدخول في دار الغير مقدمة لإنقاذ غريق فأوجب المولى الدخول مقدمة للإنقاذ ثم قال إن بنيت على عصيان أمر الإنقاذ حرمت عليك الدخول والتصرف ، فإذا بنى العبد على العصيان تحقق أمران فعليان وجوب التصرف في ملك الغير مقدميا وحرمة التصرف نفسيا لحصول شرطها وهو البناء على العصيان في موضوع واحد أعني الدخول في ملك الغير أو التصرف في مائه.
والترتب هنا بين حكمين أحدهما إيجاب والآخر تحريم في موضوع واحد.
والثمرة تظهر فيما إذا لم يرد العبد امتثال أمر الأهم ومع ذلك دخل الدار فعلى البطلان يستحق عقابا واحدا على ترك ذي المقدمة وعلى الصحة يستحق عقابين لترك الإنقاذ والتصرف المحرم بعد إرادة العصيان.
الثالث : تصويره في التزاحم لأجل اختلاف حكمي المتزاحمين كما إذا لزم من إكرام عالم إهانة عالم آخر وكان حكم حرمة الإهانة أقوى من وجوب الإكرام ، فيقول