قاعدة الملازمة
بين حكم العقل والشرع
اعلم أن القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين كما مر في تلك المسألة اختلفوا في ثبوت الملازمة بين حكم العقل والشرع وعدمه.
وهذه المسألة تنقسم إلى مسألتين : الأولى : أن كلما حكم به العقل هل يحكم به الشرع أم لا ، والثانية : أن كلما حكم به الشرع هل يحكم به العقل أم لا.
أما المسألة الأولى : فحاصلها أن كل فعل أدرك العقل حسنه وكونه بحيث يمدح فاعله هل يلازمه حكم الشرع بالوجوب بحيث كلما ثبت الأول كشف عن الثاني ، وأن كل فعل أدرك العقل قبحه هل يلازمه حكم الشرع بحرمته ليستكشف الحرمة منه بالملازمة أم لا.
فقال عدة من الأصحاب بالملازمة ، بتقريب أن الشارع أعقل العقلاء بل هو العقل كله ، وهو العقل من خارج ، كما أن العقل شرع من داخل ، فلا يعقل تخالفهما في الحكم فما حكم به أحدهما هو ما حكم به الآخر بعينه.
وذهب عدة أخرى منهم إلى عدمها لأن وجود الحسن والقبح في الفعل لا يستلزم جعل الحكم من الشرع ، إذ الملاكات من قبيل المقتضيات للأحكام غالبا لا العلل التامة ، فربما يكون وجود الملاك مقارنا لفقد شرط من شرائط جعل التكليف أو