قاعدة نفي الحرج (أو نفي العسر)
اعلم أنه ينقسم ما يتصور صدوره من العباد من الأفعال والتروك إلى أقسام ثلاثة :
الأول : ما يقدرون عليه ويتمكنون من إتيانه بسهولة وسعة من دون ضيق وحرج ، كتكلمهم ، بالصدق والكذب وأكلهم وشربهم.
الثاني : ما لا يقدرون عليه ولا يطيقونه ، كطيرانهم إلى السماء وعدم تنفسهم مع حياتهم.
الثالث : ما يقدرون عليه مع ضيق وشدة وعسر وحرج ، كصومهم في مرضهم وإنفاقهم جميع ما يملكون وقطعهم لحوم أبدانهم عند تنجسها.
ثم إنه لا إشكال عقلا في جواز كون القسم الأول متعلقا للتكاليف الإلهية بعثا وزجرا وترخيصا ، بل الأحكام التكليفية كلها أو جلها إنما تعلقت بهذا النوع من أفعالهم ، فالمطلوبات والمنهيات والمرخصات بحسب الغالب أفعال أو تروك مقدورة للمكلفين بلا عسر في إتيانها ولا حرج.
وأما القسم الثاني فلا إشكال أيضا في عدم تعلق تكليف إلهي بهذا النوع فعلا وتركا ، ويدل عليه من العقل حكمه القطعي بقبح أن يكلف العاقل غيره بما لا يقدر عليه ، فضلا عن الحكيم تعالى.