مجاري الأصول
اعلم أن المكلف إذا توجه والتفت إلى حكم من أحكام أفعاله فلا يخلو حاله عن أحد أقسام ثلاثة :
الأول : أن يحصل له القطع بذلك الحكم ، ووظيفته حينئذ بحكم العقل العمل بقطعه والجري على وفق علمه ويسمى هذا المكلف بالقاطع والعالم.
الثاني : أن لا يحصل له العلم به بل يقوم عنده طريق معتبر إلى حكمه من خبر عدل أو ثقة أو إجماع أو شبهها ، وحكمه أيضا أن يعمل على طبق طريقه ويسمى هذا بمن قام عنده الطريق.
الثالث : أن لا يحصل له العلم ولا يقوم عنده طريق معتبر ، ويسمى بالجاهل والشاك وهو الذي يجري في حقه الأصول العملية ، الاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير ، فإنه إما أن يكون للحكم الذي شك فيه حالة سابقة أم لا فعلى الأول يتحقق مجرى الاستصحاب وعلى الثاني فإما أن يكون الشك في التكليف أو في المكلف به مع العلم بالتكليف ، فعلى الأول يتحقق مجرى البراءة ، وعلى الثاني فإما أن يمكن فيه الاحتياط أم لا فعلى الأول يتحقق مجرى الاحتياط ، وعلى الثاني مجرى التخيير.