يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا ) (١) وحَكَّمَ رسولُ اللهِ صلىاللهعليهوآله سَعْدَ بنَ مُعاذٍ في بني قُرَيْظَةَ ، فحَكَم فيهم بما أمضاه اللهُ ، أوَما عَلِمتمِ أنّ أميرَالمؤمنينَ عليهالسلام إِنّما أمَرَ الحكمينِ أن يَحْكُما بالقرانِ ولا يتعدَّياه ، واشترطَ ردَّ ما خالفَ القرآنَ من أحكامِ الرِّجالِ ، وقالَ حينَ قالوا له : حكّمتَ على نفسِكَ مَنْ حَكَمَ عليكَ ، فقالَ : ما حكّمتُ مخلوقاً ، وإنّما حكّمتُ كتابَ اللهِ ؛ فأينَ تجدُ المارقةُ تضليلَ مَنْ أمرَ بالحكمِ بالقرانِ واشترطَ ردَّ ما خالَفَه؟! لولا ارتكابُهم في بدْعَتِهم البهتانَ ».
فقالَ نافعُ بنُ الأزرق : هذاَ كلامٌ ما مرَّ بسمعي قطُّ ، ولا خطر منِّي ببالٍ ، وهو الحقُّ إِن شاءَ اللهُ (٢).
وروى العلماءُ : أنّ عمرو بنَ عُبَيدٍ وفدَ على محمّدِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ عليهمالسلام ليمتحنَه بالسُّؤالِ ، فقالَ له : جُعِلْتُ فداكَ ما معنى قوله عزّ اسمُه : ( أوَلَمْ يَرَ الّذِيْنَ كَفَرُوْا أنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقَاً فَفَتَقْنَاهُمَا ) (٣) ما هذا الرّتقُ والفتقُ؟ فقالَ له أبو جعفر عليهالسلام : «كانتِ السّماءُ رَتْقاً لا تُنزِلُ القَطْرَ ، وكانتِ الأرضُ رتقاً لا تُخرِجُ النّباتَ » فانقطعَ عمرٌو ولم يَجِد اعتراضاً.
ومضى ثمّ عادَ إِليه فقالَ له : خَبِّرْني ـ جُعِلْتُ فداكَ ـ عن قولهِ جلَّ ذكرُه : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِيْ فَقَدْ هَوَى ) (٤) ما غَضَبُ اللهّ؟ فقالَ أبو جعفرٍ عليهالسلام : «غضبُ اللهِّ عقابُه يا عمرُو ، ومَنْ ظَنَّ أَنّ اللهَ يُغيِّرُه
__________________
(١) النساء ٤ : ٣٥.
(٢) الاحتجاج : ٣٢٤ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٣٩.
(٣) الانبياء ٢١ : ٣٠.
(٤) طه ٢٠ : ٨١.