قالَ : فنَظَرْتُ إِلى البَغْلِ وقد عَرِقَ حتى سالَ العرَقُ منه.
ثم صارَ إِلى المستعين فسَلَّمَ عليه ، فرَحَّبَ به وقَرَّبَ وقالَ : يا أبا محمد ، ألجْمْ هذا البَغْلَ. فقالَ أبومحمد لأبي : «ألجمه يا غلام » فقالَ له المستعينُ : ألْجمْه أنْتَ ، فوَضَعَ أبو محمد طَيْلَسانَه ثم قامَ فألْجَمَه ، ثم رَجَعَ إِلى مَجلَسِهِ وجَلَسَ ، فقالَ له : يا أبا محمد ، أسرجْهُ ، فقالَ لأبي : «يا غلامُ أسرجْهُ» فقالَ له المستعينُ : أسْرِجْهُ أنت ، فقامَ ثانيةً فأسْرَجَهَ ورَجَعَ ، فقالَ له : ترى أنْ تَرْكبَه؟ فقالَ أبو محمد: «نعَمْ » فرَكِبَه من غَيْر أنْ يَمْتَنِعَ عليه ، ثم رَكَضَه في الدارِ ، ثم حَمَلَه على الهَمْلجَة (١) فمَشى أحْسَنَ مشي يَكُونُ ، ثم رَجَعَ فنزل. فقالَ له المستعينُ : يا أبا محمد ، كيفَ رأيته؟ قالَ : «ما رَأيت مِثْلَه حُسْناً وفراهةً» فقالَ له المستعينُ : فإِنَّ أميرَالمؤمنينَ قد حمَلَكَ عليه ، فقالَ أبو محمد لأبي : «يا غلامُ خُذْه فأخَذه أبي فقادَه (٢).
ورَوى (أبو عليّ بن راشد ) (٣) ، عن أبي هاشم الجعفري قالَ : شَكَوْتُ إِلى أبي محمد الحسن بن عليّ عليهماالسلام الحاجةَ ، فحكَّ
__________________
(١) الهَمْلَجَة : مشي شبيه الهرولة. «مجمع البحرين ـ هملج ـ ٢ : ٣٣٧».
(٢) الكافي ١ : ٤٢٤ / ٤ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٣٢ / ١١ ، ثاقب المناقب : ٥٧٩ / ٥٢٨ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠ : ٢٦٦.
قال العلامة المجلسي رحمهالله في مرآة العقول ٦ : ١٥١ تعليقاً على هذا الحديث : يشكل هذا بأن الظاهر ان هذه الواقعة كانت في أيام امامة أبي محمد بعد وفاة أبيه عليهماالسلام وهما كانتا في جمادى الأخرة سنة ٢٥٤ كما ذكره الكليني وغيره ، فكيف يمكن ان تكون هذه في زمان المستعين.
فلابد اما من تصحيف المعتز بالمستعين ، وهما متقاربان صورة ، أو تصحيف أبي الحسن بالحسن ، والاول اظهر للتصريح بابي محمد في مواضع ، وكون ذلك قبل امامته عليهالسلام في حياة والده وان كان ممكناً ، لكنه بعيد.
(٣) كذا في «ش» و «م» والبحار ، وفي «ح » : علي بن راشد ، ورواه في الكافي عن علي عن أبي أحمد ابن راشد.