يمت مؤمنا بل مات كافرا والعياذ بالله ، وما دلّ على العفو على ما إذا مات مع الإيمان ، فيشمله التفضل حينئذ.
أو بحمل ما دلّ على العفو على ما إذا ارتدع بنفسه. وما دلّ على الثبوت على ما إذا منعه عن قصده مانع خارجي.
أو بحمل ما دلّ على الثبوت على بعض المراتب ، وما دلّ على العدم على بعض مراتب اخرى ، لأن للعقوبة والاستحقاق مراتبا متفاوتة جدا ، أدناها الحرمان عن الالتذاذ بالمناجاة مع الله تعالى ، وسلب التوفيق لصلاة الليل ـ مثلا ـ وأعلاها الخلود في النار ، وبينهما مراتب كثيرة شدة وضعفا.
ويمكن أن يحمل على الأشخاص ، فإن إرادة المعصية بالنسبة إلى الأولياء والعلماء العاملين تعدّ معصية لدى العرف أيضا ، بخلاف إرادتها بالنسبة إلى الجهّال ونحوهم من الغافلين.
وقد يستدل على استحقاق العقاب في التجري بأنه لو فرض أن شخصين قطع كل واحد منهما بخمرية ما في إنائه الخاص به وشرباه ، فصادف أحدهما الواقع ولم يصادف الآخر. فإما أن نقول باستحقاق كل منهما للعقاب ، أو بعدم استحقاقهما له ، أو باستحقاق المصادف للواقع دون غيره. والأخير مستلزم لتعلّق الاستحقاق بأمر غير اختياري ، والثاني مخالف للضرورة فيتعين الأول.
وفيه : أن العرف والوجدان شاهد بصحة الأخير لتطابقهما على أن من صادف قطعه الواقع ، شارب للخمر باختياره ، وأن غير المصادف لم يشرب الخمر ، بل لم يحصل منه إلا مجرد الجرأة والطغيان والهتك بالنسبة إلى المولى. وبالجملة يكفينا التأمل في مفهوم التجري والجرأة في الحكم باستحقاق العقاب بالنسبة إلى التجري.
ثم إنه قد تكرر في كلمات شيخنا الأنصاري قدسسره أن التجري كاشف عن سوء السريرة وخبثها وشقاوتها. وتبعه صاحب الكفاية على ذلك أيضا.