قال المجاشعي (١) عند قوله تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) [النساء : ١٧٦] : " ارتفع (امْرُؤٌ) بإضمار فعل يفسره ما بعده ، تقديره : إن هلك امرؤ هلك ، ولا يجوز إظهاره ؛ لأن الثاني يغني عنه (٢). وقال الأخفش (٣) هو مبتدأ و (هَلَكَ) خبره.
والأول أولى ؛ لأنّ الشرط بالفعل أولى (٤).
وقوله : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء : ١٧٦] ، في (إِنِ) ثلاثة أقوال :
أحدها : أن المعنى كراهة أن تضلوا ، فهي على هذا في موضع نصب مفعول له.
والثاني : أنه على إضمار حرف النفي ، كأنه قال : أن لا تضلوا ، وتلخيصه : لئلا تضلوا.
والأول مذهب البصريين (٥) والثاني مذهب الكسائي (٦) .......".
وبرأيه هذا يكون قد وافق البصريين ، ومن أمثلة اتفاقه معهم ، ذكره عبارات تؤكد ميوله إليهم ، منها" وذهب المحققون من أصحابنا" (٧) ، " فان أصحابنا لا يجيزون ذلك" (٨) ، " ولا يجيز هذا حذاق أصحابنا" (٩).
ب ـ من أمثلة الاختلاف معهم :
ثمّة مواضع خالف فيها المجاشعي بعض توجيهات البصريين وآرائهم ، وتلحظ هذه المخالفة في النص عليها أو الإشارة إلى أن ذلك (خطأ) أو (وهم) من فلان ، أو إن ذلك فاسد ، أو أنّ الصحيح هو كذا ، أو إن ذلك لا يجوز ، كما تلحظ المخالفة في أثبات رأي لا
__________________
(١) النكت في القرآن : ١٢٦ ـ ١١٧
(٢) ينظر الكتاب : ١ / ٤٢ ، والمقتضب : ٣ / ١٧٦ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٨١ ، والفريد : ١ / ٨٢٩ ، وتفسير البيضاوي : ١ / ٢٥١.
(٣) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٣٤٩.
(٤) ينظر التبصرة والتذكرة : ١ / ٣٣٢.
(٥) إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٥١١ ، وأمالي ابن الشجري : ٣ / ١٦٠ ، والبحر المحيط : ٤ / ١٥٢ ، والدر المصون : ٤ / ١٧٦.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٩٧ ، وإعراب القرآن لأبي طاهر : ق ٢١٥ ، والجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٣٨٩ ، والبحر المحيط : ٤ / ١٥٢.
(٧) النكت في القرآن : ١٣ ، و ١٨٤.
(٨) النكت في القرآن : ٢٢٦.
(٩) النكت في القرآن : ٢٤٠ ، و ٤٤٤.