النصب (١) على إضمار فعل ، كأنّه في التقدير : ويتبع الغاوون الشعراء يتبعهم الغاوون ، ثم يحذف الأول لدلاله الثاني عليه ، ومثله قولك : زيد ضربته ، وزيدا ضربته ، إلّا أنّ الرفع أجود ، ومن هنالك أجمع عليه القراء المشهورون" (٢).
* في قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [سبأ : ٤٨].
قال المجاشعي : " يجوز في (عَلَّامُ) وجهان : النصب والرفع ... وأما الرفع فيجوز من وجهين أيضا :
أحدهما : أن يكون بدلا من المضمر في (يَقْذِفُ) [سبأ : ٤٨] ؛ لأن في (يَقْذِفُ) ضميرا تقديره : يقذف هو (٣).
والثاني : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، كأنه قال : هو علّام الغيوب (٤).
وقد قيل : هو مرفوع على موضع (إِنَ)(٥) قبل دخولها ، كما تعطف على موضعها بالرفع ، وليس بوجه" (٦).
وفي قوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) [عبس : ١ ـ ٢].
قال المجاشعي : " وموضع (أَنْ) نصب على أنه مفعول له ، أي : من أجل أن جاءه الأعمى ، ولأن جاءه (٧) ، وزعم بعض الكوفيين أنها بمعنى (إذ) (٨) ، وليس بشيء" (٩).
ثالثا ـ العرض المستقل :
من السّمات الواضحة في مباحثه النحوية نجدها على هذا النحو ، أعني مواقف العرض المحايد ، إذ نجده أحيانا يعرض آراء دون القطع في توجيه ما ، أو إطلاق أحكام ترجيحية ،
__________________
(١) قال بهذا النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٥.
(٢) النكت في القرآن : ٣٣٩.
(٣) قال بهذا الفارسي في كتاب الشعر : ١ / ٢٨٣.
(٤) نبه لذلك سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٨٦ ، ووافقه ابن السراج في الأصول : ١ / ٢٥١.
(٥) قال بهذا الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٩٤.
(٦) النكت في القرآن : ٣٨٤.
(٧) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٣٥ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٢٠ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠١.
(٨) روى هذا الوجه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٢٦ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠١.
(٩) النكت في القرآن : ٥٦٧.