غير معاناة ولا لغوب.
ومنها : حسن تقابل المعاني.
ومنها : حسن ائتلاف الألفاظ.
ومنها : حسن البيان في تقدير الحال.
ومنها : الإيجاز من غير إخلال.
ومنها : تقبل الفهم على أتمّ الكمال.
إلى غير ذلك من المعاني اللطيفة (١) ، وقد رأيت في معنى هذه الآية في نصف سفر من أسفار التوراة ، وأنت تراها هاهنا في غاية الإيجاز والاختصار والبيان ..." (٢).
الثالث عشر ـ عنايته ببيان بعض مباحث علوم القرآن :
فقد تعرض المؤلف خلال كتابه" النكت في القرآن" لجملة من مباحث علوم القرآن ، نظرا لما لها من أهمية بالغة في كشف مشكل القرآن وتفسيره ، ناهيك عن أن العلم بها شرط أساسي لا بد توافره فيمن يتصدى لكتاب الله عزوجل بالشرح والبيان.
وقد تفاوت اهتمامه بتلك العلوم بين التناول السريع والوقوف الطويل ، ولكن الذي يهمنا أنّه عرض لها ، وعني بها في مواضعها المناسبة ، ومن هذه المباحث التي أشار إليها في غضون كتابه :
١ ـ أسباب النزول : فقد اعتنى المؤلف بذكر أسباب النزول للآيات التي يعرض لها ـ إن وجدت ـ ذلك إن ما يرتبط بسبب خاص ، فلا يمكن معرفة تفسيرها إلا بمعرفة سبب نزولها ، وغالبا ما يقتصر المؤلف على ذكر سبب واحد لنزول الآية أو الآيات ، وأحيانا يذكر أكثر من سبب ، فمثال الأول : ما جاء في قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا) [مريم : ٧٧]. قال المجاشعي : " هذه الآية نزلت في العاص بن وائل السهمي (٣) ، وذلك أن خباب بن الأرت (٤) صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان قينا بمكة يعمل السيوف فباع من العاص سيوفا ، فأعملها له حتى إذا صار له عليه مال جاء يتقاضاه ، فقال له : يا
__________________
(١) لقد فصّل القول فيها الجرجاني في دلائل الإعجاز : ٤٥.
(٢) النكت في القرآن : ١٩١.
(٣) ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء : ١ / ٣٠٢ ، والبداية والنهاية : ٣ / ١١٣.
(٤) (ت ٣٧ ه) في الكوفة. ينظر ترجمته في الطبقات الكبرى : ٣ / ١٦٤ ، وطبقات خليفة : ١٤٤.