تكون (ما) غير نافية ، فقد ذهب إليه بعض القدرية ؛ لأن من أصل مذهبهم أن الخير من الله دون الشر ، والأول هو المذهب" (١).
٣ ـ ما وقع في القرآن بغير لغة العرب (وهو المعرب) : فقد أشار المؤلف ـ رحمهالله ـ إلى هذا الموضوع ورد شبه القول بوجود ألفاظ أعجمية في القرآن ، وذلك عند ما تناول لفظة (إبليس) من قوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) [الكهف : ٥٠] ، قال :
" وإبليس : اسم أعجمي لا ينصرف في المعرفة للتعريف والعجمة (٢).
قال الزجاج (٣) وغيره من النّحويين (٤) : هو اسم أعجمي معرب استدلوا على ذلك بامتناع صرفه ، وذهب قوم إلى أنّه عربي مشتق من (الإبلاس) (٥). وأنشدوا للعجاج (٦) :
يا صاح هل تعرف رسما مكرّسا |
|
قال : نعم أعرفه وأبلسا |
وقال رؤبة (٧) :
وحضرت يوم الخميس الأخماس |
|
وفي الوجوه صفرة وإبلاس |
أي : اكتئاب وكسوف ، وزعموا أنّه لم ينصرف استثقالا له ، لأنّه اسم لا نظير له من أسماء العرب ، فشبهته العرب بأسماء العجم التي لا ينصرف (٨).
وزعموا أنّ (إسحاق) الذي لا ينصرف من أسحقه الله إسحاقا ، وأنّ (أيوب) من آب
__________________
(١) النكت في القرآن : ٣٥٢.
(٢) ينظر مجاز القرآن : ١ / ٣٨ ، ورجّحه الجواليقي في المعرب : ٧١.
(٣) معاني القرآن : ١ / ١٠٦.
(٤) كقول ابي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٨ ، والنحاس في إعراب القرآن : ١ / ١٦٢.
(٥) ينظر زاد المسير : ١ / ٥٢ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ١ / ٣٠.
(الإبلاس) : الحيرة ، وقيل : القنوط وقطع الرجاء من رحمة الله تعالى. اللسان : ٦ / ٣٠ (بلس).
(٦) ديوانه : ٤٣١ ، والكامل : ١ / ٣٥٢ ، والنكت والعيون : ١ / ١٠٢.
(٧) ديوانه : ١١٥ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٢٥.
(٨) ردّ ابن فضال على من منع صرفه لشبهه بالأعجمي ، وليس له نظير في العربية ، جاء به أكثر المعربين والمفسرين. ينظر جامع البيان : ١ / ١٧٢ ، وإعراب القرآن المنسوب للزجاج : ١ / ٢١٢ ، والبيان : ١ / ٧٤ ، والبحر المحيط : ١ / ١٥١.